أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢))
المعنى الجملي
هذا القصص ذكر فى سورة الأعراف بأسلوب ونظم يخالف ما هنا ، وفى كل منهما من العظة والعبرة ما ليس فى الآخر ، وسيأتى فى السور التالية بسياق آخر.
وقد جاء فى بعض الروايات أن هودا أول من تكلم بالعربية ، فهو أول رسول عربى من ذرية نوح ، وآخر رسول هو محمد صلى الله عليه وسلم وهو عربى أيضا.
الإيضاح
(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) أي وأرسلنا إلى عاد الأولى أخاهم فى النسب والوطن هودا فقال لهم :
يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره فلا تعبدوا من دونه وثنا ولا صنما ، فما أنتم فى عبادتكم غيره من الأنداد والشركاء إلا مفترون الكذب عليه بتسميتكم إياهم شفعاء تتقربون بهم أو بقبورهم أو بصورهم وتماثيلهم وترجون النفع وكشف الضر عنكم بجاههم عنده.
(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي يا قوم لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من إخلاص العبادة لله والبراءة من الأوثان أجرا فتتهمونى بأنى أريد المنفعة لنفسى ، ما ثوابى الذي أرجوه على تبليغى إياكم إلا على الله الذي خلقنى على الفطرة السليمة مبرّأ من هذه البدع الوثنية التي ابتدعها قوم نوح حين صنعوا التماثيل لحفظ ذكرى الصالحين ، فزيّن لهم الشيطان تعظيم هذه التماثيل فعبدوها ، أفلا تعقلون ما يقال لكم فتميزوا بين ما يضر وما ينفع ، وإنى لكم ناصح أمين فلا أغشكم فيما أدعوكم إليه.