المعنى الجملي
بعد أن جادلوه أوّلا بالتي هى أحسن ، وعمّيت عليهم العلل ، وضاقت بهم الحيل ، ولم يجدوا للمحاورة ثمرة ـ تحوّلوا إلى الإهانة والتهديد ، وجعلوا كلامه من الهذيان والتخليط الذي لا يفهم معناه ، ولا تدرك فحواه ، فقابلهم بالإنذار بقرب الوعيد ، ونزول العذاب الشديد.
الإيضاح
(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) أي ما نعلم حقيقة كثير مما تقول وتخبرنا به ، من بطلان عبادة آلهتنا ، وقبح حرية التصرف فى أموالنا ، ومجىء عذاب يحيط بنا ، وإصابتنا بمثل الأحداث التي أصابت من قبلنا ، كأنّ أمرها بيدك ، يصيب بها ربك من يشاء لأجلك.
(وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) لا قوة لك ولا قدرة على شىء من الضر والنفع ، ولا تستطيع أن تمتنع منا إن أردنا أن نبطش بك.
(وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) أي ولو لا عشيرتك الأقربون لقتلناك بالحجارة حتى تدفن فيها.
(وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) أي وما أنت بذي عزة ومنعة تحول بيننا وبين رجمك ، وإنما نعزّ رهطك على قلتهم ؛ لأنهم منا وعلى ديننا الذي نبذته وراء ظهرك وأهنته ، ودعوتنا إلى تركه لبطلانه فى زعمك.
فوبخهم شعيب على سفاهتهم كما حكى سبحانه عنه.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) أي قال يا قوم : أرهطى أعز عليكم وأكرم من الله حتى كان امتناعكم عن رجمى بسبب انتسابي إليهم ، وأنهم رهطى ؛ لا بسبب انتسابي إلى الله تعالى الذي أدعوكم إليه بأمره.
(وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) أي واستخففتم بربكم فجعلتموه خلف ظهوركم ،