ثم ذكر جزاءه مع قومه فى الآخرة فقال :
(يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) أي يتقدم قومه يوم القيامة ويكونون تبعا له كما كانوا تابعين فى الدنيا إلا من آمن ، فيوردهم جهنم معه : أي يدخلهم إياها.
وقد ورد أن آله يعرضون على النار منذ ماتوا صباحا ومساء من كل يوم كما قال تعالى : «وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ».
(وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) أي وبئس الورد الذي يردونه النار ، لأن وارد الماء إنما يرده لتبريد كبده وإطفاء غلّته من حر الظمأ ، ووارد النار يحترق فيها احتراقا.
قال ابن عباس رضى الله عنه فى الآية : الورود الدخول وقد ذكر فى أربعة مواضع : فى هود «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ» وفى مريم «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها» وفى الأنبياء «حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ» وفى مريم أيضا «وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً» وكان يقول : والله ليردنّ جهنم كلّ برّ وفاجر «ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا».
(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أي وألحقت بهم لعنة عظيمة ممن بعدهم من الأمم ، ويوم القيامة أيضا يلعنهم أهل الموقف جميعا فهى تابعة لهم حيثما ساروا ، ودائرة أينما داروا.
والآية بمعنى قوله : «وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ» وقد سمى الله هذه اللعنات رفدا تهكّما بهم فقال :
(بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) أي بئس العطاء المعطى هذه اللعنة التي أتبعوها فى الدنيا والآخرة.