النار التي يقتحمونها بأفعالهم وأقوالهم أعظم مما ينالهم من الغم والغيظ حين تلاوة هذه الآيات.
الإيضاح
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي قد علمت أيها الرسول أن علم الله محيط بما فى السموات وما فى الأرض ، لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، وهو حاكم بين خلقه يوم القيامة على علم منه بما عملوه فى الدنيا ، فمجازى المحسن منهم بإحسانه ، والمسيء بإساءته.
ثم أكد علمه بقوله.
(إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) أي إن علمه بذلك فى اللوح المحفوظ الذي كتب فيه ربنا قبل أن يخلق ما هو كائن إلى يوم القيامة ؛ ويرى أبو مسلم الأصفهانى أن المراد بالكتاب فى مثل هذا الحفظ والضبط الشديد بحيث لا يغيب عنه مثقال ذرة.
ثم زاده تأكيدا بقوله.
(إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) أي إن علمه تعالى بما فى السماء والأرض وكتبه فى اللوح المحفوظ والفصل بين عباده يوم القيامة ـ يسير عليه إذ لا يخفى عليه شىء ، ولا يتعسر عليه مقدور.
ثم حكى سبحانه بعض أباطيل المشركين وأحوالهم الدالة على سخافة عقولهم فقال :
(ا) (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) أي ويعبد هؤلاء المشركون بالله من دونه ما لم ينزل بجواز عبادته حجة وبرهانا من السماء فى كتاب من كتبه التي أنزلها إلى رسله ، وما ليس لهم بجواز عبادته علم من ضرورة العقل ، وإنما هو أمر تلقوه عن آبائهم وأسلافهم بغير حجة ولا برهان.
والخلاصة ـ ويعبدون من دون الله ما لم يقم دليل من الوحى ولا من العقل على صحة عبادته.