تفسير المفردات
العجل والعجلة : طلب الشيء قبل أوانه ، والمراد بالإنسان : هذا النوع ، وقد جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق من العجل مبالغة كما يقال للرجل الذكي هو نار تشتعل ، ويقال لمن يكثر منه الكرم : فلان خلق من الكرم ، قال المبرد : خلق الإنسان من عجل : أي إن من شأنه العجلة كقوله : «خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ» أي خلقكم ضعفاء ، والآيات هى آيات النقم التي هددهم بوقوعها ، وإراءتهم إياها : إصابتهم بها.
والمراد بالوعد قيام الساعة ، لا يكفون : أي لا يمنعون ، بغتة : أي فجأة ، تبهتهم : أي تدهشهم وتحيّرهم ، ينظرون : أي يمهلون ويؤخّرون ، حاق : حل ونزل.
المعنى الجملي
بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها ، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟ ـ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة ، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها ، ثم ذكّرهم بجهلهم بما يستعجلون ، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفى هذا تسلية لرسوله صلّى الله عليه وسلّم كما سلّاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين ، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم ، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين ، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم ، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روى أن الآية نزلت فى النضر بن الحارث ، وهو القائل : «اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ».