وليعلموا أنه متى ذاعت هذه الآراء فى الأمة ، قامت كلها قومة رجل واحد ، فى تنظيم شئونها ، وتربية أبنائها تربية تؤهلهم أن يكونوا قادة العالم الإنسانى.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) أي وما أرسلناك بهذا وأمثاله من الشرائع والأحكام التي بها مناط السعادة فى الدارين ـ إلا لرحمة الناس وهدايتهم ، فى شئون معاشهم ومعادهم.
بيان هذا أنه عليه الصلاة السلام أرسل بما فيه المصلحة فى الدارين ، إلا أن الكافر فوّت على نفسه الانتفاع بذلك ، وأعرض عما هنالك ، لفساد استعداده وقبح طويّته ، ولم يقبل هذه الرحمة ، ولم يشكر هذه النعمة ، فلم يسعد لا فى دين ولا دنيا ، كما قال «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ : جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ» وقال فى صفة القرآن «قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» وقال صلّى الله عليه وسلم «إن الله بعثني رحمة مهداة».
(قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (١١٠) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (١١١) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١١٢))
تفسير المفردات
مسلمون : أي منقادون خاضعون ، تولوا : أي أعرضوا ، آذنتكم : أي أعلمتكم وكثر استعماله فى الإنذار كما فى قوله : «فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ» ما توعدون : من