غلبة المسلمين عليكم ، فتنة : أي اختبار ، واحكم : أي اقض ، وبالحق : أي العدل ؛ والمراد بذلك تعجيل العذاب لهم ، ما تصفون : أي ما تقولون وتفترون من الكذب كقولكم «بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ» وقولكم إن للرحمن ولدا.
المعنى الجملي
بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين ، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق ، حتى لم يبق فى القوس منزع ، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية ، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين ، وهداية للناس أجمعين ، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد ، ومن نأى عنه ضل وسار فى طريق الغواية والعناد ـ أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا ، فى مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم ، بعد أن أعيته الحيل ، وضاقت به السبل ، ولم تغنهم الآيات والنذر ، فتمادوا فى غوايتهم ، ولجّوا فى عنادهم ، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
الإيضاح
(قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي قل لمشركى قومك ولمن بلغته الدعوة من غيرهم : ما أوحى إلىّ ربى إلا أنه لا إله إلا هو ، فلا تصلح العبادة لسواه ، فانقادوا لأمره ، وأذعنوا لطاعته ، وابتعدوا عن عبادة الأوثان والأصنام ، وتبرءوا منها حتى تسلكوا سبيل النجاة ، وتفوزوا بالسعادة.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) أي فإن أعرضوا عن اتباع ما أوحى إليك فقل لهم : هأنذا أعلمكم بأنى حرب لكم ، كما أنكم حرب لى ، فأنا برىء منكم كما أنكم برآء منى ، وأنتم سواء فى هذا الإعلام ، لا أخص أحدا منكم دون أحد.
ونحو الآية قوله «وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ».