(وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) أي وإن ما توعدون من غلب المسلمين عليكم واقع لا محالة ، ولكن لا علم لى بقربه ولا ببعده ، لأن الله لم يطلعنى على ذلك.
(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) أي إن الله يعلم ما تجهرون به من الطعن فى الإسلام وتكذيب الآيات ، ويعلم ما تكتمون من الأضغان والعداوات للمسلمين ، فيجازيكم على قليل ذلك وجليله.
(وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) أي وما أدرى سبب تأخير جزائكم ، ولعل ذلك زيادة فى افتتانكم وامتحانكم ، لينظر كيف تعملون ، وإنه ليؤخركم إلى حين ، كى تتمتعوا بلذات الدنيا مع إعراضكم عن الإيمان ، فيكون فى ذلك زيادة عذابكم ، لأن المعرض عن الإيمان مع توالى الآيات وتتابع البينات والنذر يكون عقابه أشد.
(قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) أي قال الرسول : رب افصل بينى وبين من كذبنى من مشركى قومى ، وكفر بك وعبد غيرك ، بإحلال عذابك ونقمتك به بالعدل الذي يقتضى تعجيل العذاب به ، وتشديده عليه.
وخلاصة ذلك ـ رب عجّل بعذابهم وقد أجاب الله دعوته وأنزل بهم العذاب الأليم يوم بدر.
قال قتادة : كان الأنبياء يقولون «رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ» فأمر رسول الله أن يقول ذلك.
(وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) أي والله المستعان على ما تصفون ، من الشرك والكفر ، والكذب والأباطيل ، كقولكم إن الله اتخذ ولدا ، وقولكم فى الرسول «بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ».
وخلاصة ذلك ـ إنه طلب من ربه أن يحكم بما يظهر الحق للجميع ، وأمره ربه أن يتوعد الكفار بقوله : وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون.