وبعد أن أبان صفة هذا الكتاب وبخهم على إنكارهم له فقال :
(أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ؟) أي أفبعد أن استبان لكم جليل خطره ، وعظيم أمره ، تنكرون وتقولون : هو أضغاث أحلام ، بل افتراه ، بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون.
وقد يكون المعنى ـ كيف تنكرون كونه منزلا من عند الله؟ وأنتم من أهل اللسان تدركون مزايا الكلام ولطائفه ، وتفهمون من بلاغة القرآن ما لا يدركه غيركم ، وفيه شرفكم وصيتكم.
وخلاصة ذلك ـ أفبعد أن علمتم أن شأنه كشأن التوراة ، تنكرون أنه منزل من عند الله؟ فهذا ما لا يستسيغه عقل راجح ، ولا فكر رصين ، فمثل هذا فى غاية الوضوح والجلاء.
حجاج إبراهيم لأبيه وقومه ودعوتهم إلى التوحيد
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨))