أي نختبركم ؛ والمراد نعاملكم معاملة من يختبركم ، بالخير والشر : أي المحبوب والمكروه ، فتنة : أي ابتلاء ، إن يتخذونك إلا هزوا : أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به مسخورا منه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على وجود الخالق الواحد القادر ، بما يرون من الآيات الكونية ـ أردف ذلك ببيان أن هذه الدنيا ما خلقت للخلود والدوام ، ولا خلق من فيها للبقاء ، بل خلقت للابتلاء والامتحان ، ولتكون وسيلة إلى الآخرة التي هى دار الخلود ، فلا تشمتوا إذا مات محمد صلّى الله عليه وسلّم فما هذا بسبيله وحده ، بل هذا سنة الله فى الخلق أجمعين.
تمنى رجال أن أموت ، وإن أمت |
|
فتلك سبيل لست فيها بأوحد |
فقل للذى يبغى خلاف الذي مضى |
|
تزوّد لأخرى مثلها فكأن قد |
ثم ذكر أنهم نعوا على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء ، ورد عليهم بأنهم قد كفروا بالرحمن المنعم على عباده ، الخالق لهم ، المحيي المميت ، ولا شىء أقبح من هذا وأخلق بالذم منه.
أخرج ابن أبى حاتم عن السدى «أنه صلّى الله عليه وسلّم مرّ على أبى سفيان وأبى جهل وهما يتحادثان ، فلما رآه أبو جهل ضحك وقال : هذا نبىّ بنى عبد مناف ، فغضب أبو سفيان وقال : أتنكر أن يكون لعبد مناف نبى؟ فسمعها النبي صلّى الله عليه وسلّم فرجع إلى أبى جهل فوقع به وخوّفه وقال : ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة ، وقال لأبى سفيان : أما إنك لم تقل ما قلت إلا حميّة ، فنزلت الآية».