ثم بين لهم بالدليل خطأ ما يعتقدون فقال :
(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) أي لو كان هؤلاء الأصنام آلهة كما تزعمون أيها العابدون ـ ما وردوا النار ولا دخلوها ، لكنه قد اتضح لكم على أتمّ وجه أنهم وردوها ، إذ صاروا حطبها ، فامتنع كونهم آلهة.
وقصارى ذلك ـ إن الأصنام إذا كانت لا تنفع نفسها ، ولا تدفع الضر عنها ، فهى أبعد من أن تدفع الضر عن غيرها ، ومن جرّاء ذلك فهى جديرة بالتحقير والإهانة ، لا بالتعظيم والعبادة.
(وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) أي وكل من الآلهة ومن عبدوها ما كثون فى النار أبدا ، لا خلاص لهم منها.
ثم بين أحوالهم فيها فقال :
(١) (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) أي لهم فى النار أنين ونفس متقطع ، من شدة ما ينالهم من العذاب.
(٢) (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) أي وهم فى النار لا يسمع بعضهم زفير بعض ، لعظم الهول وفظاعة العذاب.
وبعد أن ذكر حال أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله ، عطف عليه بيان أحوال السعداء من المؤمنين بالله ورسوله وقد أسلفوا صالح الأعمال فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) أي إن الذين سبق لهم التوفيق للطاعة ، وأخبتوا لله وأخلصوا له العمل ـ لا يدخلون النار ولا يقربونها البتة.
ثم ذكر أوصافهم حينئذ فقال :
(١) (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) أي لا يسمعون صوت النار الذي يحسّ من حركتها ، ولا يرون اضطرابها من شدة توهّجها.
(٢) (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) أي إنهم فى حبور دائم ، ونعيم لا ينقطع.
(٣) (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) أي لا يخيفهم هول النفخة الأخيرة فى الصور