المعنى الجملي
بعد أن ذكر حال المجادل بالباطل وخذلانه فى الدنيا ، لأنه لا يدلى بحجة من العقل ولا ببرهان من الوحى ، ثمّ بيّن ما يئول إليه أمره من النكال فى الدنيا والخزي فى الآخرة ، ثم ذكر مشايعيه وعمم خسارهم فى الدارين ، وأردف ذلك ذكر حال المؤمنين وما يلقونه من السعادة والنعيم فى الدار الآخرة ـ قفى على ذلك بذكر المجادل عنهم وعن دين الله بالتي هى أحسن ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالغ فى إثبات نصره بما لا مزيد عليه ، ثم ذكر شأن كتابه وأنه آيات واضحات ترشد إلى سواء السبيل.
الإيضاح
(مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) أي من كان يحسب أن الله لن ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة فليمدد بحبل إلى سماء بيته ثم ليختنق به ، ثم ليصور فى نفسه النظر ، هل يذهبنّ ذلك الكيد الذي كاده ، والفعل الذي فعله ما يغيظه من النصرة ـ كلّا.
وخلاصة المعنى ـ من كان يظن أن الله ليس بناصر محمدا ولا كتابه ولا دينه فليذهب وليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه ، فإن الله ناصره لا محالة كما قال : «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ» وسيعلى فى الدنيا كلمته ويظهر دينه ، ويرفع فى الآخرة درجته ويدخل من صدقه جنات تجرى من تحتها الأنهار وينتقم ممن كذّبه ، ويذيقه عذاب الحريق ، فمن كان من أعاديه يغيظه ذلك فليبالغ فى كيده إلى أقصى مجهوده ، فقصارى أمره خيبة مسعاه ودوام غيظه دون أن يصل إلى غاية ، أو يبلغ أمنيّة.
وتلخيص هذا ـ أيها الكاره لمحمد الذي أرسل لإنقاذك ، إن نعم الله على