تفسير المفردات
الرشد : هو الاهتداء إلى وجوه الصلاح فى الدين والدنيا ، والاسترشاد بالنواميس الإلهية ، التماثيل : واحدها تمثال وهو الصورة المصنوعة على شبه مخلوق من صنع الله كطير أو شجر أو إنسان ؛ والمراد بها هنا الأصنام ، سماها بذلك تحقيرا لشأنها ، والعكوف على الشيء : ملازمته والإقبال عليه ، بالحق : أي بالشيء الثابت فى الواقع ، اللاعبين : أي الهازلين ، فطرهن : أي أنشأهن ، من الشاهدين : أي المتحققين صحته ، المثبتة بالبرهان ، والكيد : الاحتيال فى إيجاد ما يضر مع إظهار خلافه ، والمراد المبالغة فى إلحاق الأذى بها ، جذاذا : أي قطعا ، من الجذ ، وهو القطع.
الإيضاح
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) أي ولقد آتينا إبراهيم ما فيه صلاحه وهداه من قبل موسى وهرون ، ووفقناه للحق ، وأضأنا له سبيل الرشاد ، وأنقذناه من بين قومه من عبادة الأصنام ، وكنا عالمين بأنه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له ، لا يشرك به شيئا ، فهو جامع لأحاسن الفضائل ومكارم الأخلاق وجميل الصفات ، وقال الفراء : أعطيناه هداه من قبل النبوة والبلوغ ا ه. أي وفقناه للنظر والاستدلال لما جنّ عليه الليل فرأى الشمس والقمر والنجم ، وعلى هذا جرى كثير من المفسرين.
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ : ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ؟) أي آتيناه الرشد حين قال لأبيه آزر ولقومه وهم مجتمعون : ما هذه الأصنام التي تقيمون على عبادتها وتعظيمها؟.
وقد أراد عليه السلام بهذا السؤال تنبيه أذهانهم إلى التأمل فى شأنها ، وتحقير أمرها ، متجاهلا حقيقتها ، وكأنه يومىء بذلك إلى أنهم لو تأملوا قليلا لأدركوا أن مثل هذه الأحجار والخشب لا تغنى عنهم قلّا ولا كثرا.