حكى عن بعض العامّة أنّه قال : لا يطهر النصف المغسول ، لأنّه مجاور لأجزاء نجسة ، فتسري إليه النجاسة فينجس (١) ، قال رحمهالله : وهذا باطل ، لأنّ ما يجاوره أجزاء جافّة لا يتعدّى نجاستها إليه. ولو تعدّت لكان يجب أن يكون إذا نجس جسم أن ينجس العالم كلّه ، لأنّ الأجسام كلّها متجاورة ، وهذا تجاهل. وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام : «إذا وقعت الفأرة في سمن جامد أو زيت ، القي ما حوله واستعمل الباقي» (٢) ، ولو كانت النجاسة تسري لوجب أن ينجس الجميع (٣) ، انتهى.
واقتفى أثره الفاضلان والشهيد (٤) ، وما ذكره من لزوم نجاسة العالم مراده حال الرطوبة والمطر ، لأنّ الكلّ رطب.
مع أنّ موضعا منه نجس جزما ، بل مواضع كثيرة ، فيلزم على تقدير السراية نجاسة كلّ العالم الرطب ، ومرّ فيما سبق أنّه يجوز غسل ظاهر الشيء الثخين ، وأنّه يطهر ذلك الظاهر (٥) ، وأنّ ذلك ظاهر الرواية. وفي رواية أيضا ما يفيد ذلك ، وأنّه يمس الجانب الآخر ، فإن وجد فيه غسل وإلّا ينضح (٦) ، فلاحظ وتأمّل!
الثاني : ظروف الخمر وغيرها إذا تنجّست تقبل التطهير إذا كانت صلبة لا تنشف كالصفر والرصاص والمغضور.
وأمّا إذا لم يكن كذلك ـ كالقرع والخشب والخزف غير المغضور ـ فاختلف
__________________
(١) لاحظ! المجموع للنووي : ٢ / ٥٩٤ و ٥٩٥.
(٢) سنن أبي داود : ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣٨٤٢ ، كنز العمّال : ٩ / ٣٦٩ الحديث ٢٦٥٠٨ ، لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ / ١٩٤ الباب ٤٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة.
(٣) الخلاف : ١ / ١٨٥ المسألة ١٤١.
(٤) المعتبر : ١ / ٤٥٠ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٨٣ ، ذكرى الشيعة : ١ / ١٣١.
(٥) راجع! الصفحة : ١٢٥ من هذا الكتاب.
(٦) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠٠ الحديث ٣٩٧٣.