وبالجملة ، لا تأمّل في ثبوت المطلوب من مجموع ما ذكر ، مع ملاحظة الفتاوى الجابرة للسند والدلالة بعدم القول بالفصل.
بل قلنا : لم يخالف في المطهّرية في الخفّ ومثله أحد من المتقدّمين والمتأخّرين ، فما ذكره المصنّف رحمهالله من قوله : (خلافا للخلاف). إلى آخره محلّ تأمّل ، لأنّ الذي نقل عن «الخلاف» وجعل منشأ الخلاف ، أنّه قال فيه : إذا أصاب أسفل الخفّ نجاسة ، فدلكه في الأرض حتّى زالت يجوز فيه الصلاة عندنا.
ثمّ قال : دليلنا إنّا بيّنا فيما تقدّم أنّ ما لا تتمّ الصلاة فيه بانفراده جازت الصلاة فيه وإن كانت فيه نجاسة ، والخفّ لا تتمّ الصلاة فيه بانفراده ، وعليه إجماع الفرقة (١) ، انتهى.
وجه التأمّل أنّه رحمهالله عند ذكر الحكم شرط الدلك على خصوص الأرض إلى أن تزول النجاسة ، حتّى يجوز فيه الصلاة عندنا ، وعند الاستدلال صرّح بجواز وجود النجاسة حال الصلاة وعدم الحاجة إلى الزوال أصلا ، فضلا أن يكون بالدلك بالأرض الذي شرطه.
ثمّ قال : عندنا تجوز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة ، إذا كان نجسا بالمرّة ، ولا تأمّل في كون الحكمين عندنا كذلك.
فظهر من ذلك أنّه غفل وتوهّم مسألة بمسألة اخرى عند استدلاله.
وممّا ينادي بذلك أيضا ، أنّه قال في استدلاله : إنّا بيّنا فيما تقدّم أنّ ما لا تتمّ الصلاة فيه ، جازت الصلاة فيه ، ولم يجعل دليله في المقام سوى ما تقدّمه ، وفيما تقدّم ليس من الأرض والدلك بها عين ولا أثر بالمرّة ، غير ما دلّ على جواز الصلاة في النجس إذا كان ممّا لا تتمّ فيه الصلاة.
__________________
(١) الخلاف : ١ / ٢١٧ المسألة ١٨٥.