وبالجملة ، عند تعذّر الحقيقة يتعيّن المجاز المشهور المعروف الشائع ، سيّما محل النزاع في الحقيقة الشرعيّة ، لأنّه لشهرته وشيوعه وكثرة وروده ودورانه ، صار بحيث اعتقد المحقّقون الانتقال إليه وكونه هو الحقيقي لا المعنى السابق ، وأين هذا من غير المعروف وغير الشائع؟ مع أنّه عرفت مكرّرا أنّ النجاسة الشرعيّة ليس لها معنى سوى المنع من استعمالات ، ويقابلها الطهارة الشرعيّة.
وفي المقام سأل زرارة عن السطح الذي عليه النجاسة الشرعيّة أو المكان الذي يصلّي فيه ، فأجاب عليهالسلام بأنّه : «إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه» (١) ، أي : لا مانع من الصلاة عليه ، لأنّ صيغة الأمر هنا في مقام الحظر ، وحقّق أنّها لا تفيد سوى رفع ذلك الحظر.
ثمّ فرّع عليه قوله عليهالسلام : «فهو طاهر» يعني إذا كانت الشمس جفّفته يكون طاهرا ، ومفهوم الشرط حجّة عند المعترض أيضا جزما ، فمفهومه أنّه لو لم يكن تجفيف الشمس تكون النجاسة باقية على حالها ، وإذا تحقّق الشرط المذكور ، ارتفع ذلك المانع وهو تلك النجاسة ، فلا مانع من الصلاة عليه فهو طاهر ، أي : ارتفع منه النجاسة المذكورة.
فظهر أنّ المراد الطهارة الاصطلاحيّة ، مع أنّه لو كان المراد الطهارة اللغويّة أيضا ثبت المطلوب ، إذ معناها عدم قذارة أصلا ، فإذا كان نجسا فهي أعظم القذارات وأهمّها في المقام ، لو لم نقل بانحصار المقام فيها ، لما عرفت من أنّ السؤال والجواب ليسا إلّا بالنسبة إلى المنع الشرعي ، فتأمّل جدّا!
وممّا ينادي بما ذكرنا أنّ المعصوم عليهالسلام قال : «إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه» مطلقا من غير اشتراط عدم رطوبة ، فيما يلاقي الموضع من الثوب أو الجسد.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٥٧ الحديث ٧٣٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٥١ الحديث ٤١٤٦.