فيه الاستصحاب؟ فالأصل بقاء ما كان وجريان الاستصحاب.
والحاصل ، أنّ كلّ مورد ورد فلا بدّ من عرضه على أدلّة الاستصحاب ، فإن فهم البقاء في الحكم وحصل الشكّ في الزوال فهو مستصحب.
وإن حصل الشكّ في الاستمرار والبقاء وطهارته ، فالأصل عدمه إن كان الحكم النجاسة ، لكن الثاني لم نجده في الأحكام ، كما حقّقناه في «الرسالة» (١) ، والله يعلم.
وأمّا الاستقراء ، فلم يتحقّق في غير ما ذكرنا قطعا ، فدعوى الاستصحاب بعد تغيّر موضوع الحكم وتبدّل محلّ المسألة لا شبهة في فساده.
ومعلوم أنّ النجاسة تعلّقت بالكلب من حيث هو كلب ، فلو صار آدميّا بمعجزة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو غنما ، أو ذهبا أو فضّة ، فلا وجه للحكم ببقاء نجاسته أصلا ، لأنّ الحكم لم يتعلّق بالصورة الجسميّة قطعا ، فإنّ الصورة الجسميّة موجودة في الأشياء ، وكلّها طاهرة قطعا.
واشترط بعضهم كون الماء الذي وقع فيه نحو الكلب كرّا ، حتّى لا ينفعل بالملاقاة ، فينجمد النجس ويصير الماء النجس ملحا (٢).
وفيه ، أنّ الاستحالة مطهّرة. ووجه كلام المشترط بأنّه بملاقاة الكلب ينجس المملحة والأرض وجميع ما كان فيها من الملح الرطب الساري بينها أجزاء الماء الموجب لسريان النجاسة.
وهذا بناء على أنّ الاستحالة تطهّر ما استحالة لا للمتنجّس بملاقاة النجس ، ولا شكّ في أنّه أحوط ، وإلّا فالخلّ الذي كان خمرا ظرفه كان نجسا ، وكذا الميتة
__________________
(١) اي رسالة الاستصحاب ، لاحظ! الرسائل الاصولية : ٤٢٦ و ٤٢٧.
(٢) ذخيرة المعاد ١٧٢ ، الحدائق الناضرة : ٥ / ٤٧٣.