ثمّ اعلم! أنّ مقتضى الأدلّة أنّ رفع اليد عن أصالة الطهارة والحكم بالنجاسة يتوقّف على العلم ، وظنّ المجتهد في مقام إثبات نفس الحكم الشرعي يقوم مقام العلم واليقين ، للدليل المعروف.
فإذا ثبت نجاسة شيء من خبر الواحد الذي هو حجّة عنده ، يحكم بنجاسته إذا خلا عن المعارض ، وكذلك الحال في باقي الأدلّة الشرعيّة الظنّية.
وأمّا في مقام إثبات موضوع الحكم الشرعي ، مثل أنّه هل لاقاه نجاسة شرعيّة ملاقاة منجّسة شرعا؟ فمقتضى الأدلّة أنّه أيضا مثل نفس الأحكام (١) يتوقّف على العلم واليقين ، إلّا أن يثبت من دليل شرعي ظنّي يثبت منه نجاسته به ، ولم يثبت أصلا لعدمه مطلقا ، فينحصر الثبوت في العلم واليقين.
وربّما توهّم متوهّم منهم ثبوتها من الظنّي قياسا على نفس الأحكام الفقهيّة ، لانحصارها في الظنون ، كما عرفت في صدر الكتاب ، وهو اشتباه بين نفس الحكم وموضوعه ، وخلط أحدهما بالآخر ، ومنهم من يثبت بشهادة العدلين أيضا ، لأنّها مفيدة علم شرعي ، ونازلة منزله.
وفيه ، أنّه يتوقّف على عموم يقتضي ذلك ، مع أنّ مقتضى الموثّقة : أنّ كلّ شيء نظيف حتّى يحصل العلم (٢) بقذارته (٣).
ومقتضى أخبار الاستصحاب أنّه : لا ينقض اليقين إلّا بيقين مثله (٤). والعلم هو الاعتقاد الجازم الثابت ، كما حقّق في محلّه ، وغير خفي عدم حصوله من شهادة العدلين.
__________________
(١) في (ك) : الأحكام الشرعيّة.
(٢) في (ز ٣) : اليقين.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٨٤ الحديث ٨٣٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٧ الحديث ٤١٩٥.
(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٨ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١.