بل غير خفيّ أنّ ما دلّ على الانفعال ليس منحصرا فيما ذكرنا ، أو أشرنا إليه ، فلا يبقى للمتأمّل الملاحظ تأمّل في بلوغه حدّ التواتر بالمعنى ، وحصول اليقين سندا ودلالة بالتقريب الذي ذكرنا.
وأين هذا من مستند ابن أبي عقيل (١)؟ سيّما وعرفت أنّ ما ادّعاه من التواتر ، كان محض التوهّم والاشتباه بحسب الظاهر.
وكذا ما استدلّ بأنّه سأل عن الماء النقيع والغدير وأشباههن فيه الجيف والعذرة وولوغ الكلب ويشرب منه الدوابّ ويبول فيه ، أيتوضّأ منه؟ فقال عليهالسلام لسائله : «إن كان ما فيه من النجاسة غالبا على الماء فلا يتوضّأ منه ، وإن كان الماء غالبا فيتوضّأ منه» (٢) ، إذ غير خفيّ عدم ورود حديث كذلك ، بل الأحاديث الواردة كذلك كلّها شرط فيها الكرّيّة.
نعم ، في رواية قمّاط (٣) ورد ما يوهم ذلك وستعرف ، فظهر من هذا أيضا أنّه توهّم منه.
وأمّا ما استدلّ به من قول الباقر عليهالسلام ، وقد سئل عن الجرّة والقربة تسقط فيها فأرة أو جرذ أو غيره ، فتموت فيها ، [قال :] «إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه ، وإلّا فتوضّأ واشرب» (٤) ، فرواية ضعيفة السند ركيكة المتن ، لقوله : «إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه».
__________________
(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ١ / ١٧٧.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠ الحديث ١١١ و ١١٢ نقل بالمضمون.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠ الحديث ١١٢ ، الاستبصار : ١ / ٩ الحديث ١٠ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٣٨ الحديث ٣٣٩.
(٤) المعتبر : ١ / ٤٩ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٣٩ الحديث ٣٤٣ مع اختلاف يسير.