ومع ذلك فيها ـ على ما ورد في الكتب الأربعة (١) ـ ما لا يقول به أحد ، وهو الفرق بين التفسّخ وغيره ، والرواية وأكثر منها ، فلاحظ وتأمّل.
ومع ذلك حكم المصنّف في «الوافي» : أنّ الميتة لا تنجّس شيئا بعد ما أتى بأخبار دالّة عليه باعتقاده (٢) ، وفي هذا الكتاب أيضا قال في نجاسة الميتة ما قال ، مع أنّه جعل الجرّة والقربة أيضا كرّا من هذه الرواية لقوله : «وأشباه ذلك من أوعية الماء» الظاهر في عدم جريانه في مطلق الماء ، وإنّ هذا الحكم حكم هذه الظروف وأشباهها ، لا مطلق الماء القليل.
وسيجيء عن بعض الفقهاء عدم انحصار الكرّ في شيء بل كلّ ما ورد أنّه لا ينفعل فهو كرّ ، فأين الضعيف الواحد من الصحاح والمعتبرة التي لا تحصى كثرة؟ وأين الدلالة الضعيفة من الدلالات القطعيّة؟ مع أنّها شاذّة ، والشاذّ لا عمل عليه بالإجماع والنص والاعتبار ، مع أنّ ما دلّ على الانفعال هو المشهور بين الأصحاب الذي امرنا بالأخذ به ، ورد فيه : أنّه لا ريب فيه (٣) ، وفي الحقيقة أنّه لا ريب فيه.
ومع ذلك ما دلّ على عدم الانفعال موافق للمشهور بين العامّة في زمان صدور الأخبار ، سيّما في الحجاز ، فإنّ مالكا كان ذلك مذهبه ، وكذلك الأوزاعي ، والثوري ، وداود بن المنذر ، وعكرمة ، وابن أبي ليلى ، وجابر بن بزيويه (٤) ، وسعيد بن المسيّب ، وأبي هريرة ، والحسن البصري ، وحذيفة ، وابن عبّاس (٥).
وممّا يدلّ على كون ما دلّ على الانفعال لا تقيّة فيه موافق للمذهب الحقّ ،
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٢ الحديث ١٢٩٨ ، الاستبصار : ١ / ٧ الحديث ٧.
(٢) الوافي : ٦ / ٢٩.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.
(٤) في (د ٢) و (ز ٣) : بويه.
(٥) لاحظ! المغني لابن قدامة : ١ / ٣١ المسألة ٢٠ ، المجموع للنووي : ١ / ١١٣.