أنّها تضمّنت قدر الكرّ الذي لا يذهب إليه أحد من العامّة ، وهو من خواص الشيعة ، وهو ألف ومائتا رطل ، وثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار ، أو ثلاثة ونصف في ثلاثة ونصف.
ويؤيّده أنّ النبيذ طاهر عند العامّة (١) ، وورد أنّ ما يبلّ الميل منه ينجّس حبّا من الماء (٢).
وممّا يؤيّد أنّ بعض الأخبار الظاهرة في عدم الانفعال أمر بالوضوء مع غسل الجنابة ، وهو الذي ذكره المصنّف.
وممّا يؤيّد أيضا أنّ غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا إحداهنّ بالتراب هو مذهب الشيعة خاصة ، والعامّة قائلون بالسبع (٣) ، وأيضا ما دلّ على نجاسة سؤر اليهودي والنصراني والمجوسي والناصبي من المياه لا يناسب التقيّة قطعا ، لأنّ العامّة كانوا قائلين بطهارتهم (٤) ، فضلا عن أسآرهم.
وبالجملة ، الشواهد على حقيّة ما دلّ على الانفعال في غاية الكثرة ، والفقيه يفتي ويعمل برجحان في نظره.
والمدار في الفقه على ذلك ، وفي المقام مرجّحات كثيرة واضحة بإجماع الكلّ ، يحصل القطع ، فتأمّل في جميع ما ذكرنا ، وما أشرنا إليه تجد.
قوله : (المروي من الطرفين بعدّة طرق).
أقول : قد عرفت حال حجج فقهائنا ، وأنّها لا يقاومها معارض بلا شبهة ،
__________________
(١) بداية المجتهد : ١ / ٣٤ ، فتح العزيز : ١ / ١٥٧ ـ ١٥٩ ، المجموع للنووي : ١ / ٩٣ و ٩٤ ، ٢ / ٥٦٤.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٤٤ الحديث ٣٢٠٨٢.
(٣) المغني لابن قدامة : ١ / ٤٦ المسألة ٥٤.
(٤) المغني لابن قدامة : ١ / ٦١ الفصل ٩٧.