لأنّ الظنّي لا يقاوم القطعي ، فضلا أن يغلب عليه ، مع أنّ الظنّي موافق للعامّة ، ومخالف للمشتهر بين الشيعة ، وللمتواتر بالمعنى ، والإجماعات الواقعيّة والمنقولة ، وغير ذلك ممّا أشرنا إليه.
فلا وجه لاختيار المصنّف المذهب الشاذّ المخالف للإجماع ، والاحتجاج بالظنيّات الضعيفة ، مع ما فيها من الضعف.
فإنّ ما ذكره من المروي من الطرفين ليس إلّا خبر واحد رواه العامّة ، وهو مستند المالكي وموافقيه من العامّة (١) ، فهو غير مقبول عند الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة (٢) فضلا عن الشيعة ، وأمّا الخاصّة فلم يروها إلّا قليل منهم (٣). ومع ذلك ما رووها من طرقنا عن الأئمّة عليهمالسلام قطعا ، بل إنّما رووه عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مرسلا من كتب العامّة خاصّة (٤).
وصرّح المحقّقون مثل صاحب «المدارك» وغيره (٥) أنّها من طرق العامّة ، ولذا لم يجعلوها حجّة ، ومن لم يشنّع عليها فبناؤه على أنّ المراد خصوص الكرّ فما زاد ، بلا تأمّل منهم في ذلك ، فعدم تشنيعهم من جهة الموافقة لأحاديث الخاصّة ومذهبهم وما هو المعروف منهم ، إلى أن ظهر منهم الاجماع والاتّفاق وعدم الإطلاق.
فلاحظ كلام الشيخ وغيره (٦) ، ممّن نقل هذه الرواية ، وإن كان نظره إلى ما
__________________
(١) المغني لابن قدامة : ١ / ٣١ المسألة ٢٠ ، شرح فتح القدير : ١ / ٦٩.
(٢) الام : ١ / ٤ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٣١ المسألة ٢٠.
(٣) السرائر : ١ / ٦٤ ، المعتبر : ١ / ٤٠ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٣٥ ، الحديث ٣٣٠.
(٤) سنن ابن ماجة : ١ / ١٧٤ الحديث ٥٢١.
(٥) مدارك الأحكام : ١ / ٥٧ ، مجمع الفائدة والبرهان : ١ / ٢٥١.
(٦) الخلاف : ١ / ١٩٥ ، المعتبر : ١ / ٤٠.