الملال (١) والسأم.
لا يقال : لعلّ مراد المصنّف من النص ، غير ما ذكره في الكتاب ، ومن الظاهر غير مثل صحيحة أبي العبّاس (٢) ، ويكون مثل الصحيحة مستثنى عنده ، كما يظهر منه من كتابه «الوافي» (٣) ، إذ روى الصحيحة وأمثالها ، ولم يوجّهها (٤) أصلا مع ذلك روى عن «التهذيب» بسنده إلى أبي مريم الأنصاري ، قال : كنت مع الصادق عليهالسلام في حائط له ، فحضرت الصلاة ، فنزح دلوا للوضوء فخرج عليه قطعة من عذرة يابسة ، فأكفأ رأسه وتوضّأ بالباقي (٥) ومعلوم أنّ الدلو أنقص من الكرّ.
لأنّا نقول : هذه الرواية في غاية الضعف من وجوه ثلاثة ، والمصنّف لا يقول بحجية الضعيف ، فضلا عن مثله ، ولذا لم يشر إليه هنا.
ومعلوم أنّ الأخبار متواترة في المنع من الوضوء بمثله ، بل وشدّة المنع ، ولذا حملها على شدّة الكراهة.
فعلى هذا كيف يكون الصادق عليهالسلام من الذين يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم ، والذين يقولون ما لا يفعلون ، وممّن ذمّه هو وآباؤه وأولاده نهاية المذمّة؟! والعياذ بالله من نسبة الأمور المذكورة إليه ، ومع ذلك ليس نصّا في كون العذرة اليابسة على الماء ، بل الظاهر أنّها كانت على الدلو بلا شبهة ، ولا يعلم منه وصولها الماء الذي في الدلو والذي يدخل في الدلو ، وأكفأ الدلو لأجل طرح تلك
__________________
(١) في (ز ٣) : الملل.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٥ الحديث ٦٤٦ ، الاستبصار : ١ / ١٩ الحديث ٤٠ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٢٦ الحديث ٥٧٤.
(٣) الوافي : ٦ / ٧٣.
(٤) في (ك) : يرجّحها.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٦ الحديث ١٣١٣ ، وسائل الشيعة ١ / ١٥٤ الحديث ٣٨٦ مع اختلاف يسير.