ولا يخفى فساد الامور المذكورة وبداهة فسادها ، لأنّ الشيعة كانوا دائما يسألون الأئمّة عليهمالسلام عن حال الملاقاة ، ويجابون بالانفعال ، كما عرفت ، وأنّها متواترة ، ولذا كان بناؤهم على الانفعال ، كما عرفت من الإجماعات وفتوى الجميع في كثير من الموارد.
مع أنّ الرواة سألوا عن الماء تلغ فيه الكلاب ، وتردها السباع ، ويشرب منه الحمير ، ويغتسل منه الجنب ، فأجابوا عليهمالسلام بأنّه «إن كان كرّا لا بأس» (١). ومعلوم أنّ الامور المذكورة لا مدخلية لها في التغيير بنفس النجاسة أصلا.
نعم ، ضمّ إلى ذلك في بعضها قول : «وتبول فيه الدوابّ» موضع : «تردها السباع ، ويشرب منه الحمير» (٢) ، ومعلوم أيضا أنّ بول الدوابّ طاهر ، كما مرّ.
وبالجملة ، ما سألوا عن المغيّر للماء أصلا فضلا عن أن يكون بخصوص التغيّرات الثلاث لا غير هذا.
مع أنّ المعتبر عند المصنّف وغيره من الأصحاب هو التغيّر الحسّي (٣) ، لأنّه التغيّر حقيقة ، وبناء مخاطبات العرف عليه بلا شبهة.
وهو أمر لا يسأل أحد من أحد إلّا أن يكون السائل أعمى فيسأل عن أيّ بصير كان ، لا أنّه يركب من العراق إلى الحجاز ويسأله عن الشارع ، في حالة يكون في غاية الاضطراب وعدم المعرفة ، وعدم معرّف سوى خصوص الشارع ، ومعلوم أنّهم ليسوا بأجمعهم عميانا.
وما قال في «الوافي» : من أنّهم ربّما كانوا في شكّ من وقوع التغيّر فلذا
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة ١ / ١٥٨ الباب ٩ من أبواب الماء المطلق.
(٢) وسائل الشيعة : ١ / ١٥٨ الحديث ٣٩١ ، ١٦٣ الحديث ٤٠٤.
(٣) الروضة البهيّة ١ / ٣٠ ، مدارك الأحكام : ١ / ٢٩.