ولو لم يظهر ذلك ، فالشكّ لا أقلّ منه ، وعرفت أنّ الأصل في الماء الطهارة ، حتّى يحصل اليقين بالنجاسة للاستصحاب والأخبار ، مثل قولهم عليهمالسلام : «كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (١).
وممّا ذكر ظهر حال جميع ما ذكرنا من الصور ، وظهر أيضا عدم الاختصاص بالحمّام ، وظهر أيضا أنّه لا يشترط أن يكون المادة كرّا ، كما ذكره جمع من المتأخّرين (٢).
بل يكفي بلوغ المجموع من الماءين والساقية كرّا لعدم الانفعال بالملاقاة.
لكن لمّا كان ماء الحمّام دائما في صدد الاستعمال ومعرض الانصباب والإهراق والتلف قدرا بعد قدر لهذا اشترط الكرّية في المادّة ، بناء على ظهور ذلك ، وإلّا فمن المعلوم أنّ ماء الحمّام ليس أسوأ حالا ، ومن الظاهر أنّ اعتبار المادّة لعدم الانفعال.
والفرق بين الحمّام وغيره أنّه أمر واقع كثير الوقوع ، عامّ البلوى ، شديد الحاجة ، بخلاف غيره ، فإنّه من الامور الفرضيّة.
والبناء على أنّ الاشتراط المذكور لأجل كون كلّ من الماءين ماء على حدة عرفا ، فيوجب أن يكون كلّ واحد منها كرّا ، إلّا أنّ الشارع لمّا حكم بعدم انفعال ما في الحياض مع عدم كرّيته ، ظهر أنّه مثل الجاري ، لكن بشرط كرّية المادّة المتّصلة به ، لأنّها أيضا ماء على حدة.
فظهر وجه إلحاق ما في الحياض بالجاري ، لكن عرفت أنّ الاتّصال كاف في
__________________
(١) الكافي : ٣ / ١ الحديث ٢ و ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٦ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢١٥ الحديث ٦١٩ و ٦٢٠ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٣٣ و ١٣٤ الحديث ٣٢٣ و ٣٢٦ مع اختلاف يسير.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٢ ، المعتبر ١ / ٤٢ ، كفاية الأحكام : ٩ ، ذخيرة المعاد : ١١٧.