عدم الانفعال ، فوجب الاكتفاء بكون المجموع من الساقية والمادّة كرّا ، ومع ذلك إذا كان ما في الحياض نزل من المادّة ، فلا شكّ في كونهما ماء واحدا ما دام النزول والصبّ والاتّصال.
بل يمكن أن يقال بعد القطع أيضا كذلك ، لأنّ المنفصلين هما المتّصل الواحد الذي عرضه الانفصال وتبدّل اتّصاله بالانفصال ، وتبدّل العرض المذكور لا يوجب تبدّل الماهيّة الشخصيّة. نعم ، بالانفصال ينفعل.
واعلم! أنّه يظهر من الأخبار المذكورة ونحوها أنّ الماء ينفعل بالملاقاة في الجملة ، إذ لو لم ينفعل لما كان للأخبار المذكورة وفتاوى الأصحاب باستثناء ماء الحمّام معنى ، ولكان اشتراط المادّة لغوا ، بل مضرّا ، ولما كان لجعله بمنزلة الجاري معنى ، لأنّ الكلّ بمنزلة واحدة ، فكيف خصّص ماء الحمّام بكونه بمنزلة الجاري ، وإلّا لما خصّص الجاري أيضا.
ولا شكّ في أنّ أهل العرف يفهمون القيد احترازيا كما فهم الفقهاء الماهرون.
ولو عرض على أهل العرف لكانوا كذلك يفهمون قطعا ، فاعرض عليهم يظهر لك.
وأيضا يدلّ على أنّ الماء إذا انفعل يطهر أيضا في الجملة ، وانّ الماء يطهّره إمّا بالملاقاة أو المزج ، كما أفتى به الأصحاب ، لا أنّه إذا انفعل لم يطهر بعد ذلك ما دام ماء ، كما سيجيء عن المصنّف.
وأيضا يظهر منها عدم اشتراط الكرّية في الجاري واشتهاره بذلك ومعروفيّته به ، بحيث كان يشبه به ويجعل الغير بمنزلته ، إذ ينادي بمعروفيّته بذلك في ذلك الزمان عند الكلّ ، ولذا ما كانوا عليهمالسلام يسألون ، هل يدرون أم لا؟ مع تعدّد الأخبار وكثرتها.