ومنها : أنّ الكرّ من الماء لا ينجّسه شيء بالملاقاة ، وماء البئر له مادة ، فمع المادّة لا يكون أقلّ من الكرّ ، كما نبّه عليه التعليل بأنّ له مادّة في صحيحة ابن بزيع (١) ، ونبّه عليه ما مرّ في ماء الحمّام من الأخبار (٢) ، وما سنذكر عن «الفقه الرضوي» وغير ذلك.
احتجّ للانفعال بصحيحة ابن بزيع ، قال : كتبت إلى رجل يسأل الرضا عليهالسلام عن البئر تكون في المنزل فيقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شيء من العذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع عليهالسلام بخطّه : «ينزح منها دلاء» (٣) إذ هي في قوّة طهرها بأن ينزح منها دلاء ، ليطابق السؤال الجواب.
وفيه ، أنّ المطابقة كانت حاصلة لو كان يجيب كما ذكرت ، ولا أقلّ أن يقول : بأن ينزح ، أو أن ينزح ، حتّى يصير خبرا «لطهرها» المقدّر ، وأمّا المذكور في الرواية فليس كذلك ، بل ربّما كان عدولا عن تطبيق الجواب للسؤال ـ كما لا يخفى ـ خصوصا بعد التعبير بلفظ الدلاء الغير المعيّن المنافي للمطهّرية ، كما عرفت.
وعلى تقدير تسليم الدلالة فدلالة ضعيفة ، سيّما بعد توقّفها على ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، إذ ربّما كان المراد زوال النفرة أو الأعمّ منه ، وهذا هو الظاهر من ملاحظة مجموع الأخبار في هذا الباب ، بل على تقدير تسليم هذه الدلالة لا بدّ من الحمل جميعا.
بل ما ذكرناه من أدلّة الطهارة يعيّن هذا الحمل ، وعلى تقدير إبائها عن
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١ / ١٧٢ الحديث ٤٢٧.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٩٥ و ٢٩٦ من هذا الكتاب.
(٣) الكافي : ٣ / ٥ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٤٤ الحديث ٧٠٥ ، الاستبصار : ١ / ٤٤ الحديث ١٢٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٧٦ الحديث ٤٤٢ مع اختلاف يسير.