الماء الذي لا ينجّسه شيء؟ قال : «ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته» (١).
وغير خفيّ أنّه بشكل الاستدارة ، لما ذكرته في رواية أبي بصير ، فإنّ جميعه جار هنا أيضا.
بل يزيد عليه التصريح بلفظ السعة في مقابل التصريح بلفظ العمق ، فإنّ السعة على الإطلاق في غاية الوضوح في الدلالة على إرادة مطلق السعة ، لا خصوص الطول والعرض حتّى يكون من الزاوية إلى الزاوية ربّما يقرب أربعة أشبار وربّما ينقص عنه ، ويتفاوت تفاوتا كثيرا.
ومعلوم أنّ الذراع عبارة عن شبرين ، كما هو الغالب في مستوي الخلقة ، فيكون المراد أربعة أشبار عمقه وثلاثة أشبار قطره وسعته ، فيكون تسعة أشبار محيط السعة والقطر ، فيضرب نصفه في نصف القطر فيكون محصوله ستّة أشبار وثلاثة أرباع شبر ، فيضرب في أربعة أشبار العمق فيكون مجموع محصول ضربه سبعة وعشرين شبرا ، وهو بعينه محصول ضرب ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار.
فظهر اتّحاد الروايتين ، لأنّ الراوي واحد ، وكذا المروي عنه ، وكذا متن سؤال الراوي ، وكذا محصول جواب المعصوم عليهالسلام.
ولما كان الكرّ بشكل الاستدارة أجاب المعصوم عليهالسلام بشكل الاستدارة.
ولما كان المطلوب مقدار مائه لا خصوصيّة الشكل فلا بدّ من مراعاة ضرب يفهم منه حصول المقدار المذكور ، بأيّ شكل يكون ، والضرب في شكل الاستدارة خفيّ دقيق لا يفهمه كلّ أحد ، عبّر عنه بشكل المربّع الذي يفهم ضربه كلّ مكلّف يريد أن يعرف مقدار الماء الذي هو كرّ ، بأيّ شكل يكون.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٤١ الحديث ١١٤ ، الاستبصار : ١ / ١٠ الحديث ١٢ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٦٤ الحديث ٤٠٨.