والحاصل ، أنّ المعتبر في الكرّ هو المقدار جزما لا خصوصيّة الشكل قطعا ، والمقدار بعينه باق على حاله وهو المعتبر في الجواب ، فظهر أنّ الأقوى هو كرّ القمّيين.
ويعضده ، بل يعيّنه في الفتوى والعمل به موافقته لألف ومائتي رطل العراقي.
قوله : (بكلّ ما روي).
أي رواية يجوز العمل بها ، بأن لا تكون شاذة لم يعمل بها أحد ، فإنّ الشاذ لا عمل عليه بل يجب طرحه ، فانحصر في رواية القمّيين (١) ورواية أبي بصير (٢) ، فيكون كرّ القمّيين معتبرا عنده في عدم قبول النجاسة ، ورواية أبي بصير في عدم قبول الكراهة واستحباب التجنّب.
ويحتمل أن يكون مراد السيّد غير ما ذكر ، مثل أن يكون مراده التخيير ، كما أنّ من عمل بالوزن يلزمه مراعاة الوزن ، ومن عمل بالمساحة فالمساحة ، مع التفاوت بينهما تحقيقا ، وإن لم يكن تفاوت تقريبا ، والكرّ تحقيقي لا تقريبي.
مع أنّه على تقدير كونه تقريبيّا أيضا يظهر التخيير ، إذ الوجوب العيني لا يقبل الدرجات أصلا.
وممّا يشهد على كونه تقريبيّا عدم معلوميّة اتّفاق الأشبار من مستوي الخلقة ، ولا اتّفاق كيفيّة الشبر والمساحة ، وكذا الحال في الوزن.
أقول : يمكن الجواب عن الكلّ بأنّ الأصل طهارة الماء حتّى يحصل العلم بالنجاسة ، وكلّ مكلّف بفهمه وجزمه ، وإن كان الحكم واحدا لا اختلاف فيه أصلا ، كما أنّ حكم الله واحد عندنا ، فيكون الكرّ أمرا تحقيقيّا ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٢٧ و ٣٢٨ من هذا الكتاب.
(٢) راجع! الصفحة : ٣٢٥ و ٣٢٦ من هذا الكتاب.