وبيّنا في الرجال كونه معتمدا عليه (١) ، ومع ذلك يجبرها الاصول وعمل الأصحاب.
فلا يعارضها رواية زرارة ، وابن مسلم ، وأبي بصير قالوا : قلنا له عليهالسلام : بئر يتوضّأ منها يجري البول قريبا منها أينجّسها؟ قال : «إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع ، أو أربعة أذرع ، لم ينجس ، وإن كان أقلّ من ذلك ينجّسها ، وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمرّ الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجّسها ، وما كان أقلّ من ذلك فلا يتوضّأ منه».
قال زرارة : فقلت [له] : فإن كان مجرى البول بلزقها وكان لا يثبت على الأرض ، فقال : «ما لم يكن له قرار فليس به بأس ، وإن استقرّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتّى يبلغ البئر فليس على البئر منه بأس [فيتوضّأ منه] إنّما ذلك إذا استنقع كلّه» (٢) ، لأنّ ظاهرها انفعال البئر بالملاقاة ، فتكون محمولة على التقيّة.
ومع ذلك يظهر من آخرها أنّ الحكم بنجاستها إذا كان أقلّ من ثلاث إنّما هو إذا استنقع الماء كلّه ، إذ عادة يبلغ أثر المستنقع إلى البئر ، ولذا قال : «استقرّ منه قليل فإنّه لا يثقب الأرض».
ولا يخفى أنّ المراد في هذه الرواية بيان حال آبار مكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ فإنّ أبوال بيوتها ونجاستها تجري إلى الوادي ، وبسبب انحدارها ربّما يكون البئر أعلى
__________________
(١) تعليقات على منهج المقال : ١٨٧.
(٢) الكافي : ٣ / ٧ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٠ الحديث ١٢٩٣ ، الاستبصار : ١ / ٤٦ الحديث ١٢٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٩٧ الحديث ٥١٠ مع اختلاف يسير.