قوله : (وفي لبن الجارية للخبر). إلى آخره.
المشهور بل المجمع عليه طهارته ، للأصل واستصحاب طهارة الملاقيات ، ونفي الحرج والعسر ، وكون التكليف بقدر الوسع بنصوص القرآن (١) والأخبار (٢) والعقل.
والتجنّب عنه يوجب الحرج على المرأة وزوجها وغيرهما ، سيّما في حرّ الهواء وأوقات العرق خصوصا في بلاد صدور الروايات وبلاد الرواة ، لشدّة الحرّ وكثرة العرق ، وسيّما بالنسبة إلى كثير العرق في نفسه ، سيّما تحت اللحاف ، وعند محاضنة الزوج وحركة الملاعبة ، وغير ذلك من الحركات العادية ، وغيره من موجبات العرق ، كالطبخ والخبز وغيرهما ، إذا كانت كثيرة اللبن ، أو مسترخية ثلم الحلمة.
مع أنّ الثدي بأدنى حركة أو مصادم يخرج منه اللبن ، وغسل الثدي مضرّ باللبن والطفل وموجب نقصه ، بل وانعدامه ، كما لا يخفى.
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّه عام البلوى ، فلو كان نجسا لاقتضى العادة شيوعها واشتهارها ، مثل البول والغائط والمني ، بل أشهر وأشيع ، لنهاية عسر الاحتراز ، وشدّة صعوبة التجنّب ، كما لا يخفى.
مع أنّ المسلمين والمسلمات في الأعصار والأمصار ما كانوا يحترزون. واتّفق الفقهاء من المتقدّمين والمتأخّرين على الطهارة ، فلو كان نجسا ، لكان الفقهاء والمحدّثون يفتون بالاجتناب ، والمقلّدون يحترزون ، وكلّما ازداد الزمان ازداد الاشتهار والانتشار ، إلى أن يصل إلى الفقهاء المتقدّمين الباذلين للجهد ، المستفرغين للوسع ، يقتضي ذلك اتّفاقهم على النجاسة ، ولا أقلّ من الاشتهار عندهم ، ولا أقلّ
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٨٥ ، الأنعام (٦) : ١٥٢ ، الحجّ (٢٢) : ٧٨.
(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢٤ الحديث ٢٧ ، ٢٨ الحديث ٣٧ ، ١١ / ١٩ الباب ٣ من أبواب وجوب الحجّ.