يكن سطح ولا جدار أصلا ، ولا جبل ولا منار (١) وأشجار طوال أيضا ، لكن نعلم قطعا أنّه لو كان واحد ممّا ذكر لوجدنا الشعاع عليه بيّنا لا سترة فيه.
ولو كان سطح أو مثله وصعدناه لرأينا القرص معاينة جزما على حسب رؤيتنا في البلد والعمران ، فهل يحكم الآن بدخول المغرب من جهة استتار القرص عن أعيننا؟
مع أنّه لو صعدنا لرأينا القرص عيانا ، ولو كان جدارا أو مثله لكان عليه شعاع الشمس وكنّا نحكم على الجزم أنّه لم يدخل المغرب.
وأيضا لو كان الجدران والسطوح وأمثالها متفاوتة في الارتفاع ، فربّما كان جدار بيتنا أو سطحه لا يكون عليه شعاع الشمس ، أو لا نرى قرص الشمس حينما صعدنا ، لكنّ الجدار الأعلى من جدارنا نرى الشعاع والسطح الأعلى من سطح بيتنا نرى قرص الشمس حينما صعدنا عليه ، وقس هكذا ما هو أعلى من الذي هو أعلى من بيتنا ، إلى غير ذلك ممّا ذكر.
فظهر أنّ مجرّد غيبة الشمس لا يصير غروبا. بل نحن في الصحراء ، لو كنّا قاعدين على الأرض أو نائمين لا نرى القرص وتغيب الشمس عن أعيننا ، لكن لو قمنا أو قعدنا لرأينا القرص جزما ، فليس الغيبة المذكورة غروبا بالبديهة.
وبالجملة ، أرض العراق مستوية خالية عن الجبال من كان مضطجعا ربّما لا يرى القرص ، وإذا قعد يراه ، وربّما كان القاعد لا يرى ، وإذا قام يرى وربّما كان القائم لا يرى ، وإذا كان راكبا يرى ، والراكب أيضا ربّما لا يرى ، لكن لو كان سطح يصعده يرى.
والسطوح متفاوتة في الارتفاع ، وربّما لا يرى في الأقلّ ارتفاعا ويرى في
__________________
(١) في (ز ٣) : بناء.