وكيف كان ، هو مضادّ لأخبار الاستبراء فضلا عن الفتاوى ، فكيف يكون أوفق؟
وأعجب من هذا كون مراده من قوله في «الوافي» : هذه الأخبار ، الرواية المذكورة (١) وموثّقة ابن بكير التي ذكرناها ، مع صراحتها في كون المتنجّس منجّسا (٢) ، كما عرفت.
وصحيحة العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وعرق ذكره وفخذاه؟ فقال : «يغسل ذكره وفخذيه» ، وعمّن مسح ذكره بيده ثمّ عرقت [يده] فأصاب ثوبه يغسل ثوبه؟ قال : «لا» (٣).
وظاهر أنّ الحكم الأوّل صريح في كون المتنجّس منجّسا ، لأنّ الفخذ لم يلاق عين النجاسة ، لأنّ مسح الذكر بالحجر عقيب البول بلا مهلة ، لمكان الفاء وللقرينة.
مع أنّه لم يقل في السؤال إنّ فخذيه أصابا البول ، أو رطوبته ، مع أنّه على هذا لا وجه لذكر العرق أصلا.
وأمّا الثاني ، فلعدم حصول اليقين بتنجّس يده في مسح ذكره ، فإنّه اعترف بذلك في «الوافي» حيث قال ـ بعد توجيهه رواية حكم بن حكيم الآتية أوّلا بعدم كون المتنجّس منجّسا ـ : الثاني ، أنّه لم يتيقّن إصابة البول جميع أجزاء اليد ، ولا وصول جميع أجزاء اليد إلى الوجه أو الجسد أو الثوب ، ولا شمول العرق كلّ اليد ، فلا يخرج شيء من الثلاثة عمّا كان عليه من الطهارة ، باحتمال ملاقاة البول ، فإنّ
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) راجع! الصفحة : ٩٥ من هذا الكتاب.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٢١ الحديث ١٣٣٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٥٠ الحديث ٩٢٧ ، ٣ / ٤٠١ الحديث ٣٩٧٦.