المعلول من دون العلّة الغائيّة بالبديهة ، كاستحالة تحقّقه من دون الفاعليّة أو الماديّة أو الصوريّة.
ومن البديهي أنّ العلّة الغائيّة لوجود خصوص التكبيرة غير العلّة الغائيّة لسائر أجزاء الصلاة ، لأنّ كلّ جزء جزء منها فعل اختياري صادر عن المختار باختياره بالبديهة ، كما أنّ كلّ واحد من أدعية التعقيب وأذكاره فعل اختياري جزما ، مع خلوّه عادة وغالبا عن المخطر بالبال ، ونيّة الصلاة لا ربط لها بالتعقيب قطعا ، فكيف يكون عدم القصد مؤثّرا في وجود المقصود؟ فإنّ المعدوم لا يؤثّر بالبديهة ، فكيف يؤثّر فيما ذكر؟
وكون العلّة موجودة ، سابقة على وجود المعلول منعدمة حال إيجاده ، باطل أيضا بالبديهة ، لأنّ الموجود السابق انعدم في حال إيجاد المعلول ، والمعدوم محال أن يؤثّر حال عدمه بالبديهة.
فلا جرم يكون المحرّك لإرادة المكلّف في ترجيح جانب الوجود على العدم وتأثيرها في الإيجاد دائما يكون مقارنا مع الحركة الإراديّة ، متّصلا معها ، محال الانفكاك عنها ، فلا يمكن صدور الصلاة بغير مقارنة القصد ، ولا جزء من أجزائها بغير المقارنة ، كما مرّ التحقيق في مبحث الوضوء ، ومرّ وجه حصر جمع من الفقهاء النيّة في المخطر بالبال ، وأنّه لذلك اشترطوا المقارنة ، واعتبروا الاستدامة الحكمية ، والجواب عن ذلك الوجه (١).
لكن بملاحظة الإجماع المنقول في المقام ، وأنّه لم يخالف أحد فيه ، وكون العبادة توقيفيّة متوقّفة على اليقين بالبراءة لا يحصل اليقين في البراءة إلّا بمراعاة الإخطار بالبال حال المقارنة المذكورة ، سيّما بملاحظة ما رواه الصدوق في كتابه
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٧١ ـ ٣٧٧ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.