ثمّ اختار البطلان بأنّ الاستدامة الحكميّة شرط ، وبالأخبار الدالّة على النيّة (١) ، وأورد على الأوّلين بمنع حجيّة الاستصحاب ومنع انحصار القاطع فيما ورد في الروايات ، وعلى الأخيرين بمنع اشتراط الاستدامة الحكمية للحكم بالصحّة ، والأخبار غير دالّة إلّا على حصول النيّة المطلقة (٢).
ولا يخفى أنّ الاستصحاب حجّة ، إلّا أنّه معارض بما دلّ على وجوب تحصيل البراءة اليقينيّة ، وهو الإجماع والاستصحاب ، وصدق الامتثال العرفي. بل حقّق في محلّه عدم جريان الاستصحاب في العبادات التوقيفيّة ، فليلاحظ وليتأمّل.
ومنع اشتراط الاستدامة للصحّة ظاهر الفساد ، لما عرفت من الأدلّة كون النيّة شرطا لكلّ جزء جزء من الصلاة ، لكونه فعلا اختياريا لا يصدر عن المكلّف إلّا بنيّة وداع ولمّا كان الداعي منحصرا عندهم ، وعند المورد أيضا في الحاضر في الذهن عند إيجاد الفعل ، ولا يتيسّر ذلك في كلّ جزء جزء ، لا جرم اكتفوا بالاستدامة الحكميّة ، وهي أن لا ينوي فيها ما ينافي النيّة الاولى.
ونقل في «التذكرة» الإجماع عليه (٣) ، ومسلّم عند المورد أيضا ، مع أنّه لا معنى لمنعه ، إذ لو نوى المنافي لزم وقوع ما بعده بغير نيّة ، بل بنيّة الغير ، وهذا فاسد عند المورد أيضا ، ولذا بعد اطلاعه على ما ذكر ، وعلى الإجماع على وجوب الاستمرار قال : مقتضى الإجماع الإثم بترك الاستمرار ، ومقتضى الأوّل البطلان لو وقع ما بعده بغير نيّة ، لا في صورة الرجوع إلى النيّة الأولى أيضا (٤).
وفيه ، أنّ ملاحظة كلام المجمعين يكشف عن كون مرادهم من الوجوب
__________________
(١) الخلاف : ١ / ٣٠٧ و٣٠٨ المسألة ٥٥.
(٢) ذخيرة المعاد : ٢٦٥.
(٣) تذكرة الفقهاء : ٣ / ١٠٨ المسألة ٢٠٥.
(٤) ذخيرة المعاد : ٢٦٥ نقل بالمعنى.