ولا يخفى أنّ الثاني خلاف ظاهر عبارتهم جزما ، ومع ذلك يشكل الحكم بصحّة هذه الصلاة بل لا يمكن جزما ، سواء أتى بالجزء لها ثانيا أم لا ، ركنا يكون الجزء أم لا ، إذا كان التكرار غير جائز كفاتحة الكتاب والسورة بعدها على رأي ، بل على القول بكراهة تكرارها أيضا لا يمكن الحكم ، إلّا على القول بعدم وجوب السورة فيخرج عن المقام ، وسيذكر المستحبّات.
وعلى فرض إمكان اجتماع المتنافيين أو المتناقضين في النيّة لا جرم يكون ذلك الفعل باطلا لخلوّه عن النيّة ، لأنّها هي كونه من الصلاة خاصّة ، ولاستحالة الترجيح من غير مرجّح ، وفرض إيجاده تارة اخرى بالقصد الصحيح للصلاة غير ظاهر دخوله في عباراتهم ، بل ظاهرها خلافه.
ومع ذلك لا يمكن الحكم بصحّة تلك الصلاة وإن كان الجزء (١) غير ركن ، لأنّ الواجب واحد لا متعدّد ، والواحد لو تعدّد بعنوان الوجوب وبقصده عمدا كيف يمكن الحكم بصحّة هذه الصلاة؟
وجعل أحدهما خاصّة هو الواجب والآخر مستحبّا أو مباحا أو مكروها؟ لا يمكن في مثل الحمد بل ولا في السورة ، وإن قلنا بعدم حرمة الزائد ، لأن تحقّق فريضة يصير فيها سورتها مكرّرة بقصد الوجوب ، بأن يجعل أوّلا لإحداهما ، ثمّ ينزع ويعطى للأخرى ، فيه ما فيه. أو يقرأ سورتها بالقصدين المتنافيين مع جواز اجتماعهما ، ثمّ يقرأ بأحد القصدين ، فتأمّل جدّا!
واعلم أيضا! أنّ العلّامة وغيره حكموا بانسحاب حكم الإبطال في الذكر المستحبّ أيضا (٢). ولعلّ مرادهم أنّ نيّة غير الصلاة في جزء الصلاة وإن كان مستحباتها ، يوجب عزم غيرها ، فلا يكون له عزمها ، فيضر بالاستدامة الحكميّة.
__________________
(١) في (ك) زيادة : الأخير.
(٢) قواعد الأحكام : ١ / ٣٢ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٥١ ، حاشية شرائع الإسلام للشهيد الثاني : ٩٠.