مع أنّ جميلا هو الذي روى المنع ، فكيف روى ضدّه من غير تعرّض لكلّ واحد من الراويين عنه؟ فالظاهر أنّ كلمة «ما» نافية ، و «أحسنها» فعل متكلّم وحده ، وأخفض عليهالسلام صوته بهذه العبارات خوفا من أن يسمعه أحد ، ففي ذلك اندفع المحذورات.
ويحتمل أن تكون كلمة (ما) استفهاما إنكاريّا ، أيّ شيء أحسنها ، حتّى أنّهم التزموا بها حينئذ ، أو أنّه أفعل تعجّب ، لكن على سبيل التهكم أو لغيره ، والله يعلم.
وممّا ذكر ظهر بطلان رأي ابن الجنيد (١) ومن وافقه.
واختار في «المدارك» التحريم دون الإبطال ، لغاية وضوح الأخبار في الحرمة ، وكونها كلاما غير كلام الآدميين ، بل دعاء (٢).
وفيه ، أنّ الدعاء مباح في الصلاة ، فكونها حراما أخرجها عن ذلك الدعاء.
ونقل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصلاة : «إنّما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» (٣).
وما اجيب بأنّه مخصّص بالدعاء والتأمين دعاء (٤) ، قد ظهر فساده ، لأنّه مخصّص بما يجوز في الصلاة لا ما يحرم.
فالصلاة التي وقعت فيما لم يعلم كونها صلاة ، لأنّ العبادات توقيفيّة ، مع أنّ الإجماعات كلّ واحد منها لا يقصر عن خبر واحد ، بل في الحقيقة خبر واحد ، وما دلّ على حجيّته دلّ على حجيّتها ، وأمّا الأخبار فمن قال بالحرمة قال بالبطلان أيضا ، ولم يقل أحد بالفصل.
__________________
(١) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٣ / ٣٧٢.
(٢) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٧٤.
(٣) عوالي اللآلي : ٣ / ٨٥ الحديث ٧٦.
(٤) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٣٧٥ ، ذخيرة المعاد : ٢٧٨.