في الأعصار والأمصار ، فلو كانت مستحبّة لما التزموا يقينا ، لما هو معلوم في أنّ الفريضة أعمّ الامور بحسب البلوى ، وأهمّها بحسب الحاجة ، فلو كانت السورة مستحبّة لاقتضت العادة شيوع استحبابها والرخصة في تركها ، بحيث لم يخف على أحد لا أن يصير الأمر بالعكس في العمل ، بل كاد أن يكون في الفتوى أيضا كذلك ، كما عرفت ، بل صار شعار الشيعة ، كما أنّ أهل السنّة شعارهم خلاف ذلك عملا وفتوى ، إذ يقولون بعدم وجوب السورة (١).
ومن الأدلّة أيضا الأخبار الدالّة على وجوب القراءة ، وهي شاملة للحمد والسورة (٢) ، من دون تفاوت أصلا بينهما ، لأنّ لفظ «القراءة» يشملهما قطعا.
ولو كان الواجب خصوص الحمد لا غير لما ناسب الأمر بالقراءة من حيث هي هي ، وبعض تلك الأخبار ذكرناها في بحث نسيان القراءة والعجز عن القراءة (٣) ، بل هي متواترة ، كما لا يخفى على المطّلع ، مطابقة لظاهر القرآن ، فتأمّل!
وبالجملة ، كان المناسب أن يذكر بدل القراءة لفظ الحمد لو كان الواجب هو فقط ، لأنّه أخصر وأظهر ، ولا يوهم خلاف المطلوب كما أوهم الفقهاء ، بل وعرفوا منها وجوبهما.
فإذا كان هو الحمد من حيث هو هو لا غير لم يكن المناسب ذكر القراءة من حيث هي هي لما ذكر ، ولأنّ التعليق بالقراءة يشعر بعلّيّتها ، بل لا شكّ في ظهور كون الواجب هو القراءة من حيث هي هي.
مع أنّه من المسلّمات عند المستحبّين أنّ «الألف واللام» في أمثال المقام إن كان للعهد فالمعهود من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام وأصحابهم والمسلمين قراءتهما
__________________
(١) المجموع للنووي : ٣ / ٣٨٨.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٩٠ الباب ٢٩ ، ٩٢ الباب ٣٠ من أبواب القراءة في الصلاة.
(٣) في (د ٢) و (ك) : عنها ، بدلا من : عن القراءة.