مع أنّ الانجبار بالشهرة خاصّة يكفي ، بل هو أولى من التوثيق عند الفقهاء يعملون بالضعيف المنجبر بها ويتركون الصحيح المعارض ، كما مرّ في مبحث التيمّم وحدّ طلب الماء ، وغير ذلك ممّا مرّ (١) وسيجيء ، وذكرنا في «الفوائد» أنّه حقّ وبيّنا وجهه (٢) ، مع ظهوره على المتأمّل.
وأيضا كيف قالوا عليهمالسلام ، لجمع من الأعاظم في الصحيح والمعتبر : إنّ إجزاء الحمد وحدها مشروط بالخوف ، أو أن يعجله أمر؟ كما عرفت.
وأيضا كيف قالوا عليهمالسلام لجمع : «إذا كان ترك القراءة عمدا فقد نقص صلاته وعليه الإعادة؟» وكيف قالوا : «لا صحّة للقراءة حتّى يبدأ فيها بالحمد؟» وكيف قالوا : «تركب وتصلّي بقراءة السورة أحبّ إليّ من أن تصلّي قائما مستقرّا بالحمد وحده»؟ إلى غير ذلك ممّا عرفت ، بل الأمر بالقراءة حقيقة في الوجوب ، والنهي عن الترك حقيقة في الحرمة.
ولم لم يرخّصوا هؤلاء الرواة؟ على أنّه فهم المحدّثين والفقهاء القريبين للعهد ومن هو أقرب فالأقرب أعظم شيء في فهم الأخبار ، وقد عرفت الإجماعات والفتاوى حتّى صار شعارا لنا وتركها شعارا للعامّة في الأعصار والأمصار ، مشاهدان بالأبصار.
وأيضا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، كانوا باذلين الجهد في ترويج الدين السهلة السمحة ، ويحبّون السعة واليسر والرخصة ، ويقولون : «أحبّ دينكم إلى الله السهلة السمحة» (٣) وأنّ اليسر مراد الله ، ويسعون في التخفيف على الامّة ،
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٢٤٢ ـ ٢٤٥ (المجلّد الرابع) من هذا الكتاب.
(٢) الفوائد الحائريّة : ٢١٣ الفائدة ٢٠.
(٣) صحيح البخاري : ١ / ٢٩ الباب ٢٩ ، الجامع الصغير : ١ / ١٩ الحديث ٢٠٨ مع اختلاف يسير.