وأمّا السورة فلمّا لم تكن معيّنة بل يصلح كلّ سورة لذلك ، فقبل تعيين السورة لو قرأ بسملة من غير تعيين لم يتحقّق فيهما قصد التعيين المعتبر ، فلم يتحقّق الامتثال فيها ، إلّا أن يقال : يجوز أن يقرأ بسملة بقصد السورة المطلوبة من غير تعيين تلك السورة ، ثمّ يعيّن بضمّ أجزاء تلك السورة ، فيتحقّق التعيين والجزئية ، لكن غير خفيّ أنّه ما لم يعيّن السورة لا يضمّها إلى البسملة.
فعلى أيّ تقدير لا بدّ من قصد التعيين ، ومع ذلك ، من المسلّمات أنّ القصد لا يؤثّر فيما سبق ممّا لا بدّ من الضميمة ، والتقدّم والتأخّر باطل إجماعا ، وبمقتضى العلّة الغائيّة وتحقّق الامتثال ، ولذا لا يصحّ أن يأتي بأفعال الصلاة خالية عن القصدين ثمّ بعد ذلك يقصد كون ما صدر منه لله ويقصد (١) تعيينه أيضا.
وممّا ذكر ظهر فساد ما اعترض به في «الذخيرة» وغيره على الفقهاء أنّه (٢) لو تمّ ما ذكره الفقهاء من وجوب قصد تعيين السورة في البسملة ، [يلزم] أن يكون جميع الحروف والكلمات المشتركة بحسب قصد التعيين فيها [كذلك] ، ولم يقل به أحد ، وأنّ التعيين يتحقّق بتبعيّة الأجزاء (٣) ، إذ عرفت اتّفاقهم على وجوب القربة والتعيين في جميع أفعال الصلاة ، والمتبادر من الأخبار والأدلّة أيضا ذلك ، والمتحقّق من المسلمين في الأعصار والأمصار هو ما ذكر ، ولذا قالوا : بسملة الفاتحة متعيّنة كونها للفاتحة ولا يحتاج إلى قصد تعيين.
وعرفت أيضا أنّ التعيين بتبعيّة الأجزاء محال تحقّقه بغير قصد تلك الأجزاء وضمّها ، فيتحقّق قصد التعيين على أيّ تقدير.
__________________
(١) في (د ١) : وبقصده.
(٢) في (د ١) : بأنه.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٨٢ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٢٤٩.