وعرفت أنّ القصد المتأخّر لا يؤثر فيما تقدّم عليه ، ومع ذلك خلاف ظاهر الأخبار والأدلّة ، وكيف كان ، لا شكّ في اعتبار التعيين.
والبراءة اليقينيّة لا تتحقّق إلّا باعتبار ما اعتبروه ، سيّما بملاحظة أنّ المكلّف به فعل اختياري ، والاختياري لا يصدر من المختار من غير قصد وغرض ، وهو إن كان الامتثال فالامتثال يتوقّف على ملاحظة كونه ممّا أمر الله ، وما أمر الله ليس إلّا جزء الحمد أو السورة ، والبسملة من دون مخصّص لسورة كيف يصير جزء تلك السورة مع عدم خصوصيّتها لها أصلا؟ سيّما إذا قرأت بقصد غير تلك السورة ، أو بقصد غير سورة.
فما في «الذخيرة» وغيره من بعض مؤلّفات بعض المتأخّرين (١) من أنّ قصد تعيين السورة لا يجعل البسملة جزء لتلك السورة ، بل ضمّ بقيّة الأجزاء بها يجعلها جزء ، فلا يحتاج إلى تعيين السورة في البسملة ظاهر الفساد ، فإنّ من قرأ البسملة بقصد «التوحيد» أو «الكافرون» مثلا ، وبقصده جعلها جزء ، أو أدخلها فيهما يصدق عرفا أنّه دخل في التوحيد أو الكافرون وإن لم يضمّ بعد بقيّة السورتين.
ويشمله قولهم عليهمالسلام : «لا يرجع من سورة التوحيد والكافرون» (٢). كما ستعرف ، كما أنّ من قرأ غيرهما بالنحو الذي ذكر يشمله قولهم عليهمالسلام : «يرجع من كلّ سورة» (٣) ، فإنّ الرجوع فرع الدخول ، وهو بعد لم يضمّ بقيّة السورة.
وعلى ما في «الذخيرة» وغيره أنّه يرجع إلى سورتي التوحيد والكافرون ،
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٢٨١ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٢٤٩.
(٢) الكافي : ٣ / ٣١٧ الحديث ٢٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٠ الحديث ١١٦٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٩ الحديث ٧٤٤٧.
(٣) الكافي : ٣ / ٣١٧ الحديث ٢٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٠ الحديث ١١٦٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٩ الحديث ٧٤٤٧.