وإن أتمّ البسملة بالقصد ، وضمّ إليه قوله تعالى : «قل هو» لأنّه مشترك بين التوحيد وغيره ، مثل قوله تعالى (قُلْ هُوَ رَبِّي) (١) الآية ، وكذلك «قل يا أيّها» في الكافرون.
ولا شكّ في الدخول فيها عرفا ، مع أنّ صيرورة ضمّ بقيّة الأجزاء مخصّصا ، وجزء لا يتحقّق بغير قصد تلك الأجزاء ، وغير قصد ضمّها مع البسملة لأن يصير جزء ، فقبل الإتيان بالبقيّة تحقّق قصد التعيين أيضا.
وبديهيّ عدم الفرق بين البسملة والبقيّة ، وإن بنوا على الإتيان بقصد التعيين بعد ذلك بغير الحاجة إلى قصد التعيين ، ومع ذلك النيّة عندهم لا تؤثّر فيما تقدّم ، ولذا لا يصحّ أن يأتي بركعتين من دون قصد التعيين ، ثمّ بعد إتمام التشهّد يأتي بركعتين اخراوين منضمّتين معهما ، ثمّ يقصد كون ما فعله ظهرا ، أو حين الضمّ يقصد الظهر ، وقس على هذا غيره.
ولم يقل بصحّة ذلك أحد منهم ، مع أنّ المتبادر من أدلّة النيّة كونها مع الفعل ملتبسا به.
وممّا ذكر ظهر أنّ ما يصدر عن المصلّي بعد الحمد لو كان من غير شعور وقصد وإرادة فهو غير داخل في مسألة العدول المفروضة في كلام الأصحاب ، للإجماع على كون أجزاء الصلاة من الأفعال الاختياريّة التي لا يمكن صدورها من دون قصد وإرادة ، سواء تلك الأجزاء من الواجبات أو المستحبّات ، فإنّ المستحب أيضا من الأفعال الاختياريّة كالواجب بلا شبهة ، بل المباح أيضا.
ففي صورة كون مراد المصلّي قراءة سورة ، فذهل عنه وقرأ غيرها ، يكون ذهوله عمّا أراد أوّلا ، لأنّها يصدر الثانية منه من غير شعور وإرادة ، إذ لو كان
__________________
(١) الرعد (١٣) : ٣٠.