وجه الدلالة أنّ الراوي سأل عمّن يريد قراءة سورة (١) فشرع في أخرى ، فقال عليهالسلام : «يرجع من كلّ سورة إلّا من التوحيد والكافرون» ومعلوم أنّ قوله عليهالسلام : «يرجع» معناه جواز الرجوع ، لكونه أمرا في مقام توهّم الحظر ، وللإجماع على عدم وجوب الرجوع بل جوازه ، كما صرّحوا به في الفتاوى ، فمعنى قوله عليهالسلام : «إلّا [من] التوحيد والكافرون» عدم جواز الرجوع منهما.
ومثل ذلك ، الاستدلال برواية الحلبي ، إلّا أنّه قال عليهالسلام : إن بدا له في قراءة اخرى يرجع (٢) ، والتقريب واحد بلا شبهة.
وصحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا افتتحت صلاتك بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وأنت تريد أن تقرأ غيرها فامض فيها ولا ترجع ، إلّا أن تكون في يوم الجمعة فإنّك ترجع إلى الجمعة والمنافقين» (٣).
وصحيحة ابن بكير عن عبيد بن زرارة أنّه سأل الصادق عليهالسلام : عن رجل أراد أن يقرأ سورة فأخذ في اخرى ، قال : «فليرجع إلى [السورة] الاولى إلّا أن يقرأ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)». قلت : رجل صلّى الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، قال : «يعود إلى سورة الجمعة» (٤).
لعلّ المراد أنّه غفل عمّا أراد أوّلا فشرع في قراءة غيرها بقصد وإرادة ، لا من دون قصد أصلا ، لأنّه فعل اختياريّ صدر عنه ، فلا يمكن بغير إرادة ، فالتأكيد في الرجوع تأكيد في عدم توهّم الحظر.
وعلى فرض أن يكون بغير إرادة وشعور من غير اختيار مع غاية بعد
__________________
(١) في (د ٢) زيادة : بعد فراغ.
(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٩٩ الحديث ٧٤٤٨ نقل بالمعنى.
(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٢ الحديث ٦٥٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٥ الحديث ٧٥٩٧ مع اختلاف يسير.
(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٢ الحديث ٦٥١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٣ الحديث ٧٥٩٨.