صدور ذلك ، لا يضرّ أيضا ، لأنّه عليهالسلام أمر بالرجوع إلى الأولى ، بقوله عليهالسلام : «فليرجع» ، ولم يقل : يرجع.
وأمّا قوله عليهالسلام : «إلّا أن يقرأ» فلعلّ عدم الأمر برجوعه حينئذ بناء على كون قراءة الإخلاص عادي التحقّق من غالب المكلّفين ، لاعتيادهم بقراءتها ، فلو عدلوا عمّا أرادوا إلى الإخلاص ، فبناء على عادتهم بقراءته بقصد وإرادة ، كما قلنا في المسألة السابقة من أنّ من اعتاد بقراءة سورة لم يحتج إلى تعيين السورة ، لأنّ ذهنه يميل إلى ما اعتاد ، فتكون البسملة بقصده.
على أنّه لم يجوّز أحد كون القراءة من غير شعور وإرادة ومن الأفعال الغير الاختياريّة محسوبا من قراءة الصلاة التي هي فعل اختياريّ قطعا.
وممّا ذكر ظهر عدم الغبار على حجّة المشهور أصلا ، لصحّة السند واعتباره قطعا ، مع وضوح الدلالة وكمال الشهرة التي كادت تكون إجماعا ، لو لم نقل بكونه إجماعا ، كما صرّح به السيّد ، مع كون الإجماع المنقول أيضا حجّة.
فما احتجّ في «المعتبر» بقوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (١) وعدم بلوغ الرواية قوّة في تخصيص القرآن (٢) ، فيه نظر واضح ، لعدم التأمّل في أنّ مثل ما ذكر يصحّ تخصيص القرآن به ، كيف ومدار المحقّق على التخصيص بأمثال ذلك وأضعف من ذلك ، كما لا يخفى ، سيّما إذا ضعف دلالة عام القرآن ، وخصوصا بالضعف الذي في دلالة (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) على جواز العدول من كلّ ما تيسّر من القرآن إلى كلّ ما تيسّر منه ، إذ حكاية جواز العدول ممّا تيسّر إلى ما تيسّر لا إشارة فيها ، والإطلاق لا عموم فيه إجماعا ، بل ينصرف إلى المتبادر إلى الذهن خاصّة ، وأيّ ذهن يتبادر إليه من العبارة جواز العدول من كلّ ما تيسّر إلى
__________________
(١) المزمّل (٧٣) : ٢٠.
(٢) المعتبر : ٢ / ١٩١.