الواحد بعد آخر.
واستدلّ عليه بإجماع الفرقة على ما ورد من أنّ الأذان الثالث بدعة (١) ، ونقل هذا الإجماع عن ولد الشيخ ، في شرحه على نهاية والده (٢).
ونقل عن مبسوطه تجويز كون المؤذّن اثنين في موضع أذان واحد ، لأنّه أذان واحد ، وأمّا إذا أذّن واحد بعد الآخر ، فليس بمسنون ولا مستحبّ (٣).
ثمّ قال رحمهالله : والمعتمد كراهة الاجتماع في الأذان مطلقا ، لعدم ورود الشرع به ، وكذا أذان الواحد بعد الواحد في المحلّ الواحد (٤) ، انتهى.
وغير خفيّ أنّ تعليله يقتضي التشريع والحرمة لا الكراهة.
فظهر ممّا ذكر [أنّ] التشاحّ غير منحصر في صورة الارتزاق ، وكون التراسل أيضا تشريعا ، بل بطريق أولى ، والتراسل : هو أن يبني كلّ واحد على فصل آخر ، والله يعلم.
الحادي عشر : إذا نقص المؤذّن من أذانه ، جاز لغيره أن يأتي بما تركه ويعتدّ به ويصلّي به ، لصحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من أذانه» (٥).
وظاهر أنّ كلّ ما نقص يجوز إتمامه والاعتداد به ، وإن كان نقصه عمدا ، كما يفعله المخالف في «حيّ على خير العمل» و «الله أكبر» الأخير ، فيصير دليلا على جواز التعويل على أذان العامّة وصحّة أذانهم ، وهذا أقوى دليل لمن لم يشترط
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٩ الحديث ٦٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٠٠ الحديث ٩٦٨٧.
(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٢١.
(٣) المبسوط : ١ / ٩٨.
(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٩٨ مع اختلاف يسير.
(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٠ الحديث ١١١٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣٧ الحديث ٧٠٢٢.