المعصوم عليهالسلام ظهر عليه أنّ مراد السائل من قوله : «ثم ذكر في الثانية أنّه ترك» أنّه ظنّ الترك بالتقريب الذي ذكرنا.
فلذا أجاب بأنّه إن ذكر أنّه ترك السجدة ، فلم يدر أنّه كذلك في الواقع أم لا ، يعيد الصلاة حتّى تصح. إلى آخره ، وكثير ما في الأخبار يظهر مراد السائل من جواب المعصوم عليهالسلام.
لكن يبقى الإشكال في أنّهم عليهمالسلام صرّحوا بأنّ الشك في أجزاء الاولى والثانية ، مثل الشكّ في أجزاء الثالثة والرابعة ، وأنّ عدم العبرة بها لو شكّ ، ووجوب الإعادة حتّى يحرز الثنتان ، إنّما هو بالنسبة إلى نفس الركعة ، وينادي بذلك عدم ضرر السهو في القراءة ، وأذكار الركوع والسجود والتشهّد إجماعا ، واتّفاقا من الشيخ ومن وافقه (١) ، والمشهور كما ظهر عليك.
ويمكن الجواب بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأخبار ، أو أنّ هذه الصحيحة واردة مورد تقيّة وخوف أو مصلحة ، ولذا أسند الحكم إلى أبيه عليهالسلام ، إذ لا شبهة في كون ذلك من داع واضطراب ، فلا يعارض مثل هذا جميع ما مرّ في سهو القراءة من الحمد ، أو السورة ، أو ذكر الركوع ، أو غير ذلك ، ممّا هو مثل ذلك كما مرّ وسيأتي ، وخصوص الصحاح الواردة في المقام ، من أنّ نسيان السجدة الواحدة وغيره ، موجب لإعادة الصلاة مطلقا ، فإنّها في غاية الوضوح في شمول الأوّلتين.
وأمّا الحمل على خصوص الأخيرتين مع شذوذ القائل ، بل غير ظاهر أنّ ذلك مذهب الشيخ ، ولذا لم يفت به في كتب فتاويه ، بل صرّح المحقّقون أنّ مذهب الشيخ قلّما يظهر من كتابيه الحديث ، مع أنّه على تقدير كونه مذهبه فيه ، فلا ريبة في رجوعه عنه ، لظهور الخطأ على نفسه ، فلا يبقى عبرة به لغيره.
__________________
(١) المبسوط : ١ / ١٠٦ و١١١ و١١٣ و١١٥ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٥ و٣٦ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢٣١ ـ ٢٣٥.