والرواية منجبرة سندا ودلالة بالشهرة التي كادت تكون إجماعا ، لو لم نقل بالإجماع ، بل عرفت الإجماع المنقول ، حتّى الذي نقل في «المعتبر» وغيره (١) ، لأنّ أزيد من اللبنة يكون ممّا يعتدّ به عند الفقهاء ، وأقلّ منه لا يكون.
قال في «التحرير» : ويجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتدّ به كاللبنة لا أزيد (٢) ، لأنّ العبادة توقيفيّة ، لا طريق لغير الشارع إليها بالضرورة ، فما يعتدّ به وما لا يعتدّ به ، إنّما يكونان بحسب الشرع ، ولم يرد من الشرع سوى ما ذكر ، لا من نص ولا إجماع ، والذي ثبت منه تحديد الشارع منحصر في الحديث وفتاوى الأصحاب ، ولم يتحقّق منهما سوى ما ذكر.
فقوله : إنّ التحديد من الشيخ (٣) يعني أنّ الكاشف من حيث الفتوى ابتداء هو الشيخ ، ثمّ من تبعه.
ومستندهم الرواية المذكورة ، فعلى هذا صحيحة ابن سنان الراوي المذكور عن الصادق عليهالسلام حين سأله عن موضع الجبهة للساجد يكون أرفع من مقامه؟ قال : «لا ، ولكن ليكن مستويا» (٤) لا بدّ من حملها على ما يوافق حسنته ـ إذ الرواية المذكورة حسنة من جهة النهدي ، وهو الهيثم بن أبي مسروق ـ لأنّ ظاهرها لم يفت به مفت ، والشاذ لا يكون حجّة ، بل يجب ترك العمل به نصّا وإجماعا.
والحسنة لو كانت ضعيفة ، لكانت حجّة البتّة بالانجبار بما ذكر ، فكيف وهي حسنة؟ مع أنّ حسنته ليس إلّا من جهة الهيثم ، وإلّا فالباقون ثقات أعاظم ،
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٢٠٧ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ١٩٤ المسألة ٢٦٥.
(٢) تحرير الأحكام : ١ / ٤٠.
(٣) المعتبر : ٢ / ٢٠٨.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٥ الحديث ٣١٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٥٧ الحديث ٨١٧٥.