وخوفه وفرحه وسروره وجميع أحواله الباطنة التي يدركها من ليس له الحواس الخمس. وهذه ليست مدركة بالحواس الخمس ومجرد العقل لا يكفي في إدراكها بل البهيمة تدرك هذه الأحوال من نفسها بغير عقل والأوليات لا تكون للبهائم والصبيان. فإذا يحصل من هذا المدرك يقينيات كثيرة وقضايا قطعية مثل قطعه بأنه جائع ومسرور وخائف ، ومن عرف نفسه وعرف السرور وعرف حلول السرور فيه ينظم من هذه المعارف قضية يحكم على نفسه بأنها مسرورة ، فكانت القضية المنظومة منه عند العقل قضية حقيقة.
الثالث المحسوسات الظاهرة : كقولك الملح أبيض والقمر مستدير والشمس مستديرة وهذا الفن واضح ، ولكن يتطرق الغلط إلى الإبصار بعوارض فتغلط لأجلها مثل بعد مفرط أو قرب مفرط أو ضعف في العين.
وأسباب الغلط في الإبصار الذي على الاستقامة ثمانية ، والإبصار الذي بالانعكاس كما في المرآة. والذي بالانعطاف كما يرى ما وراء البلور والزجاج تتضاعف فيه أسباب الغلط ومداخل الغلط في هذه الحالة على الخصوص لا يمكن استقصاؤه في مجلدات. ولا يمكن أن يجعل علاوة على هذه العجالة وإن أردت أنموذجا من أغاليط البصر فانظر إلى طرف الظل فتراه ساكنا والعقل يقضي بأنه متحرك وإلى الكواكب فتراها ساكنة وهي متحركة وإلى الصبي والنبات في أول النشو وهي في النمو في كل لحظة تتزايد على التدريج ويراه واقفا وأمثال ذلك مما يكثر.
الرابع التجربيات : ويعبّر عنها باطراد العادات وذلك مثل حكمك بأن النار محرقة والحجر هاو إلى جهة الأرض والنار متحركة إلى جهة فوق والخبز مشبع والماء مرو والخمر مسكر وجميع المعلومات بالتجربة عند من جرّبها ، فإن معرفة الطبيب بأن السقمونيا مسهل كمعرفتك بأن الخبز مشبع ، فإنه انفرد بالتجربة وكذلك الحكم بأن المغناطيس جاذب للحديد عند من عرفه. وهذا غير المحسوسات لأن مدرك الحس هو أن هذا الحجر هوى إلى الأرض. فأما الحكم بأن كل حجر هاو إلى الأرض فهو قضية عامة لا قضية