ظننت زيدا عالما. والعلم أيضا يتعدّى إلى مفعولين ...» (١).
وعوضا أن يكون التصوّر ينال بالحدّ ، يصبح الأمر : «المطلوب من المعرفة لا يقتنص إلا بالحدّ ، والمطلوب من العلم الذي يتطرق إليه التصديق أو التكذيب لا يقتنص إلا بالحجة والبرهان وهو القياس ...» (٢).
إن المرجّح أنّ الغزالي قصد في استعمال مصطلح المعرفة ، إدراك الأسامي والمعاني المفردة. وكلمة معرفة من «عرف» و «معرّف» ، ويشرح الجرجاني المعرّف بأنه : «ما يستلزم تصوّره اكتساب تصوّر الشيء بكنهه أو بامتيازه عن كلّ ما عداه ، فيتناول التعريف بالحدّ ...» (٣). وهكذا يجعل للمعرّف دورين : تصوّري وتمييزيّ. فيوصل الدور التصوري لماهيّة الشيء وحقيقته ، ويهدف الدور التمييزيّ تفريق اللفظ عمّا عداه. ولم يكن الأمر عند الغزالي في المحكّ غير هذا التوفيق بين الدورين الماهويّ واللغويّ.
والحال نفسها في المعيار وفي كلّ الاتجاه المنطقي الذي سنستعرضه لاحقا.
وتجدر الإشارة أن استخدام المصطلح بقي ضمن الأغراض المنطقيّة واللغويّة ، وربّما ارتبط تعبير المعرفة «ابستمولوجيّا» بنظريّة العرفان الصوفيّ ، التي بدأ يتأثر فيها الإمام إبّان تأليفه المحكّ وبعده. بينما يوحي استعمال لفظة التصوّر في المعيار ذاك الإدراك الاسميّ والعقليّ لماهيّة الشيء. ويقول فيه الجرجاني مثلا : التصوّر هو «حصول صورة الشيء بالعقل .. وهو إدراك الماهيّة من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات» (٤).
وقد اصطلح الغزالي في موضوع الألفاظ والمعاني مجموعة
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ٥.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٦.
(٣) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٥٠.
(٤) المرجع نفسه ، ص ٤٠.