قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

محك النظر

محك النظر

51/176
*

و «النمط الثالث نمط التعاند وهو على ضد نمط التلازم ، والمتكلمون يسمّونه السبر والتقسيم ، والمنطقيون يسمّونه الشرطي المنفصل ونحن سمّيناه التعاند ...» (١) وكان الغزالي قد أورد تسميات للسبر والتقسيم والتعاند في المعيار (٢) ، من دون أن يعتمدها مصطلحا ، مسوّغا في ذلك المفاهيم المنطقيّة ضمن المعاني الإسلاميّة. ويقابل التعاند الشرطي المنفصل ، كما يعني التنافي والتضاد بين القضيتين. والاستدلال التعاندي يشبه السبر والتقسيم ، إذ يسقط أحد المتعاندين. وعرّف الجرجاني التعاند والعنادية قائلا : «هي القضية التي يكون الحكم فيها بالتنافي ... كما بيّن الفرد والزوج» (٣).

وورد استعمال الشرطي المنفصل في المعيار والمقاصد ، وقد شرحنا الاشتراط ، أمّا الانفصال فيعني وجود النقيضين إثباتا للآخر ، فهنا عدم اجتماع ، ويعبّر الاشتراط المنفصل عن قضيّة احتمالية اقترنت بأداة الشرط آخذة شكل التنافي ، (إمّا هذا وإمّا ذاك ..). ويمكن لها أن تكون واقعيّة تجريبيّة أو شكليّة رمزيّة. بينما يوحي التعاند بمدلول الحكمين المتنافيين ، أو الحكم المجزّأ إلى جزءين متباينين ، ليفيد استدلاليّا الأخذ بأحدهما. فهو عمليّة تنقيب بين مجموعة أشياء ، صفتها التعاند لنزع غير المطلوب وإبقاء الحكم الصحيح. وهذه هي الطريقة التقسيميّة الفرزيّة ، التي ربّما ميّزت لنا الفرق بين الاحتمال المنطقيّ الرياضيّ والتقسيم والفرز. فالاحتمال يدفع الذهن إلى البحث والتقصّي والاكتشاف واضعا الشكوك. بينما التقسيم يمدّنا بأحكام قائمة ثابتة واقعة ، وما على الباحث سوى التفتيش بينها لأخذ المطلوب وفرزه عن غيره. على أنّنا نرجو أن نوفّي الأمر بحثا وتحليلا في فصل العلاقات المنطقيّة بالباب الثاني ، توضيحا للفرق والأبعاد ، وزيادة

__________________

(١) المصدر نفسه ، ص ٤٢.

(٢) الغزالي ، المعيار ، ص ١٠٠.

(٣) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٠٦.